Friday, December 24, 2010

التطبيع بنكهة طبيعية




الدكتور عبد الوهاب المسيري حكي في مرة ان الشاعر أمل دنقل، رحمهما الله، كان واخد موقف منه مع العلم ان معرفتهم ببعض كانت سطحية جدا، لكن لما كانوا بيتقابلوا صدفة في أي مكان كان الاستاذ دنقل بيسلم عليه بفتور وبرود واضحين قوي، وفي يوم الدكتور المسيري اتفاجئ ان الاستاذ دنقل أقبل عليه وسلم عليه بحرارة شديدة، ولما سأله عن سبب التغير المفاجئ ده، قاله بكل صراحة انه لما سمع عن مشروع موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية ظن في الأول ان المشروع كان قايم بالأساس علي خلفية التطبيع ولمصلحة الجانب الصهيوني، لكن لما عرف الحقيقة موقفه اتغير طبعا، ويمكن ده نفس الموقف اللي اتخذه مركز الأهرم للدراسات الاستراتيجية والسياسية من تمويل المشروع لكن في الاتجاه المغاير، لان المركز في الأول كان متحمس جدا لفكرة للمشروع لكن بعد ما اتأكد من حقيقته انسحب من غير كسوف عن تمويله، وموله الدكتور المسيري بنفسه .. انا طبعا لسه ما قريتش الموسوعة، مش بس لأنها ضخمة لكن كمان لاني مش مستعد أدفع 2000 جنيه لمكتبة الشروق، لكن ما علينا، ده مش موضوعنا.

كان طبيعي اني أفتكر الموقف ده واللي حكاه الدكتور المسيري في سيرته الذاتية لما قريت في جريدة أخبار الأدب في عدد 10 أكتوبر 2010، وفي صفحة خصصت لعرض الأعمال الأدبية العبرية وباسم (من الثقافة العبرية) .. الصفحة كلها كانت بتدور حول ردود الفعل علي الفكرة نفسها، فكرة عرض الاعمال العبرية في جريدة رسمية مصرية، وما بين مؤيد ومعارض ومحايد ومش فارقة معاه، كانت المقالة الرئيسية في الصفحة هي مقالة السيد/ زياد مني، كما وصفه نائل الطوخي الصحفي بالجريدة والذي كُـلِف بالرد علي المقالة، ودارت مقالة السيد/ زياد مني حول الرأي الأخر الرافض للوجود الصهيوني في الاراضي العربية، والرافض لوجود صفحة زي دي في جريدة مصرية، والرجل بمنتهي الأدب عرض رأيه بشكل محترم، وأحاطه بدزينة من الحجج المنطقية التي توضح دواعي رفضه لمثل تلك الفكرة، وعلي جانب أخر من الصفحة تظهر بعض الأراء في بث مباشر من علي صفحات الفيس بوك، بين معارضٍ وحيد، ومؤيدين كُثُر، ثم يأتي في الركن الأخير مقال الاستاذ نائل الطوخي الذي كُلِف من الجريدة ليس بالرد علي زياد مني بقدر التفنيد المهذب في شكله، غير المهذب في مضمونه، للحجج التي ساقها مني في مقاله.

الجانب الأكثر إثارة للانتباه في مقالة زياد مني، واللي أغفله نائل الطوخي تماما، هو الربط بين الإعلان عن صفحة "من الثقافة العبرية" وبين حملة السيد وزير الثقافة فاروق حسني للفوز برئاسة منظمة اليونسكو، والربط بشكل أخر مابين الحملة نفسها وبين تراجع السيد الوزير عن مطالبته بحرق كتب الأدب العبري، مما أهل السيد الوزير لدخول موسوعة جينس للأرقام القياسية، حيث أنه المسئول الأكثر رجوعا في كلامه وتصريحاته علي مستوي العالم، {رأيه في الحجاب، تصريحاته بعد سرقة زهرة الخشخاش، وغيرها وغيرها} ويمكن علشان كده حسيت وانا بقرأ مقالة نائل الطوخي بإن الجريدة بتبعت رسالة شديدة اللهجة لكل من تسول له نفسه معارضتها في هذا الأمر.

أنا عارف اني ماكتبتش التدوينة دي علشان أتكلم عن ثقافة الأخر، لكن بصراحة أنا مش قادر أمنع نفسي من التعليق علي الطريقة الرخيصة اللي اختارتها الجريدة، وأعني بالاسم الاستاذ جمال الغيطاني رئيس التحرير رغم تقديري الشديد له، لعرض الموضوع في صورة بتسميها الجرايد دايما "الرأي والرأي الأخر"، مع العلم إننا في مصر عمرنا ما شفنا الرأي الأخر ده شكله ايه، ودايما تلاقي الصفحات اللي بتحمل الاسم ده في كل الجرايد بتتخذ موقف واحد بس من كل الموضوعات اللي بتناقشها، واللي بيكون في الغالب موقف الجريدة نفسها واللي بيعبر بالأساس عن مصلحة الجريدة المادية البحتة.

انا عنيت من التدوينة دي اني اتكلم عن موقف الأجيال الجديدة من مسألة التطبيع، وبشكل مجرد تماما، ومن غير فلسفة، أنا أقصد أقول: ازاي ناس ما تعرفش يعني ايه تطبيع تقول رأيها فيه، بصرف النظر بقي عن إن رأيها ده هاتاخد بيه الجريدة ولا لأ، هي يعني جت علي جريدة أخبار الأدب اشمعنا يعني هي اللي هاتبقي ديمقراطية، وياريت ماحدش يفهم كلامي برضه علي انه وصلة جديدة من وصلات العياط علي حالنا واللي وصلنا ليه، لكن أنا فعلا عندي سؤال واضح ومحدد ومحيرني من زمان .. زمان كان كل جيل في حاجة ثابتة بتربط أفراده كلهم، وبتقدر تعرفهم من خلالها، وتقدر كمان تعرف اتجاهاتهم وأرائهم حتي لو اختلفت تجاه قضية معينة بالرجوع للحاجة الثابتة دي، لكن جيلنا الظالم المظلوم ده، التائه المتوه ده، ايه الثابت المحدد اللي نقدر نعرفه من خلاله؟ الناس اللي هايجو بعدنا بتلاتين ولا اربعين سنة لما يجيو يتكلموا عننا هايقولوا ده كان جيل ايه؟ يعني مثلا، مين اللي حكم وقال ان تامر حسني ده هو نجم الجيل؟؟ يعني لو اعتبرنا ان هو ده المحدد يبقي نقدر نقول ان الجيل كله جيل تافه، ومين كمان اللي سمح للإعلان اللي بيقول ان روتيتو هي بطاطس جيلنا؟ طيب هو جيل السبعينات كانت بطاطسهم ايه؟؟؟

لو هاتسألوني عن الثابت المحدد ده اللي نقدر نوصف بيه جيلنا، هاقول ان الجيل ده اتحرّم –بتشديد الراء- عليه التفكير، التفكير عموما حتي في أخص الأشياء اللي تهمه هو بس مش أي حدي تاني، سواء بقي كان اللي بيحرم ده الحكومة ولا أبوه ولا أمه ولا المجتمع بعاداته وتقاليده، اتحرم عليه انه يفكر في اي حاجة وفي كل حاجة، في حياته ومستقبله وفي كل اختياراته، وكان دايما حد تاني هو اللي بيفكر له وطبعا بيختار له، ويمكن ده السبب الأساسي في انتشار الفكر السلفي الأيام دي، لأن الفكر ده بيقولم بالأساس علي إلغاء البني ادم، وانه يكون مابيفكرش ومالوش رأي.

احنا مش موافقين علي التطبيع لكن برضه مش معترضين عليه، لاننا مانعرفش يعني ايه تطبيع ولا يعني ايه تفكير ولا يعني ايه اختيار، وجيل زي ده ماينفعش تسأله عن رأيه في حاجة، وطالما مالوش رأي يبقي الجريدة من حقها تفرض رأيها، وتنزل الصفحة، وتطبع التطبيع بنكهة طبيعية، ومن غير مواد حافظة كمان.

Tuesday, November 16, 2010

أصعب حاجة

أهم انطباع خرجت بيه بعد ما شفت فيلم "حد سامع حاجة" بتاع رامز جلال ان الفيلم سيء للغاية، مش بس لانه مسروق بالحرف من فيلم "Hitch" لكن لأنه مسروق سرقة سطحية جدا، موتت فكرة الفيلم ومعناه وحالته واستبقت فقط علي موضوعه.

موضوع الفيلم ده قديم قوي، عمله قبل كده أحمد مكي في "طير انت" وأحمد حلمي في "ظرف طارئ"، وزمان عمله عمر الشريف في "إشاعة حب" وعادل إمام في "البحث عن فضيحة"، ويمكن السر في كثرة تناول الموضوع ده عبر الاجيال المختلفة والثقافات المختلفة، هو انه بيعبر عن فلسفة انسانية قديمة قدم الأزل أو زي ما بيقولوا الخواجات ((as old as time))

بس الفكرة الأهم، ان في قواسم مشتركة جمعت بين كل التناولات المختلفة دي مثلت أساس لفكرة التناول نفسها، ورسمت إطار للموضوع أصبح من التقليد التقيد بيه وعدم الخروج عليه، ومن القواسم دي ان البطل لازم يكون خام، نيلة، مدهول، وبيتعامل مع الجنس الأخر ده علي أنه من الكائنات الفضائية التي تسكن أحد الكواكب غير المعروفة في المجرة اللي علي يمين مجرة درب التبانة علي طول، وكمان من القواسم دي ان البطلة تكون ملكة متوجة علي عرش الجمال، ومبعوثة العناية الإلهية لتحسين النسل البشري، لكن أهم القواسم دي واللي اتفقت عليها كل التناولات حتي التناول الأمريكي، هو ان نهاية الفيلم لازم البطلة المتوجة دي تقع في غرام البطل المدهول، علي اختلاف بقي درجة الاقناع في كل تناول.

والفلسفة البسيطة اللي بتكمن ورا الفكرة دي هي حاجة كده شبه فكرة التدوينة اللي اتكلمت فيها عن الفيلم الأمريكي "Hitch" واللي بتقول ان الناس مقسومين لصنفين، صنف بيعرف وصنف مابيعرفش (زي حاحا كده)، وعلشان الصنف اللي بيعرف يحافظ علي نفسه من ثورة الصنف اللي مابيعرفش ومطالبته بحقه في المساواة، بيحاول يقنعه أو تقدر تقول يضحك عليه ويقوله انه فعلا هاياخد فرصته وهايجي عليه اليوم اللي الملكة المتوجه تقع في حبه وتركع تحت رجليه وتقوله أأمر فتطاع. والصنف اللي بيعرف ده بيكون كسبان في كل الحالات لانه أولا قدر ينيم الصنف التاني ويسكته، ولو حصلت المعجزة فعلا ونهاية الفيلم اتحققت في الحالة دي صناع الفيلم، قصدي الصنف اللي بيعرف، هايتحولوا لرسل مبعثين، ولو ما حصلتش المعجزة أهو الاهبل المدهول ده هايفضل عايش طول عمره علي أمل ان نهاية الفيلم تتحقق، وهايحصل معاه سيناريو من اتنين، يا إما هايرضي باللي ربنا يبعتهاله ويقنع نفسه ان هي دي الملكة المتوجة اللي شافها في الفيلم، أو انه هاينتظر وينتظر وينتظر ويموت وهو منتظر، وفي الحالة دي هو نفسه مش هايعرف انه انضحك عليه لانه هايكون خلاص مات وساب الدنيا باللي فيها.

لكن سعات الصنف اللي مابيعرفش بيقف في نص الطريق ويقلب الموضوع تاني في دماغه ويحسب احتمالات المكسب والخسارة .. يعني يا إما يرضخ للأمر الواقع ويرضي بنصيبه وياخد بسياسة البطيخة، ويا حمرا يا قرعة بقي، أو انه يفضل متمسك بمبدأه ويفضل منتظر مليكته، تلك التي لا تحل محلها نساء العالم كله وان اجتمعن، وفي الحالة التانية دي بيغرّق نفسه في بحر كبير من الأوهام، ومخزون الأفلام اللي جواه يفضل يقوله ان "خلاص فات الكتير ما باقي الا القليل" وانه "علي بعد ثانية واحدة من حلمه اللي ضحي علشانه بعمره كله" لكن اللي ما يعرفوش، ان الثانية دي ممكن تكون أخر ثانية في عمره.

في أغنية لمحمود العسيلي اسمها "أصعب حاجة" بيقول فيها:
أصعب حاجة في العالم
اللي بتحبه مش فاهم
انك بتحبه وبتفكر فيه

فعلا أصعب حاجة في العالم انك تبقي بتحب حد ومشغول بيه قوي وهو ولا حاسس بيك، وتفضل تفكر فيه طول الليل والنهار زي ما بتقول
الست ام كلثوم كده "فكري طول الليل في ليلك والنهار كله في نهارك" وهو ولا حاسس بيك أصلا، لكن محمود العسيلي بيقول بعد كده:

أحلي حاجة في الدنيا
انه يجيلك وفي ثانية
يطلع حاسس باللي انت حاسس بيه

المقطع التاني ده صورة واضحة جدا من وسائل التنويم المغنطيسي اللي بيستخدمها الناس اللي بيعرفوا ضد الناس اللي مابيعرفوش، هي نفس الفكرة ان البطلة اللي انت كنت بتفكر فيها من شوية وهي ولا حاسة بيك، هاتجيلك وفي ثانية، وتطلع هي كمان متيمة بيك، بذمتكم لو كل الكلام ده مظبوط .. مش دي هاتطلع أكبر مؤامرة في التاريخ.
===========
اعتذار واجب
لكل الناس اللي دعمتني معنويا،
لكل قال كلمة استحسان في تعليق،
لكل حد بيدخل المدونة وهو منتظر يلاقي فيها جديد،
والاعتذار ده كمان للناس دي بالاسم
حامد وريم وعبدالله وطه ومحرم
اللي من غيردعمهم كانت المدونة ماتت من زمان

Friday, August 27, 2010

ابنتها





"أتعرف أن الإنسان لا يحس بوجوده إلا إذا رُزق الولد، إنه من قبل كالمطر ينحدر علي التلول ويتفرق في الوديان، ولا تعلو قامته في مكان رغم غزارته، ثم انظر إلي الولد حين يعانق أباه، تجد ذراعيه كالضفتين تحتجزان هذا الماء المضاع فيصبح نهرًا له حياة معلومة ومجري مرسوم ومبدأ وغاية." *
كنت غارقًا حتي الثمالة بين تلك السطور التي خطتها تلك الأنامل العبقرية للرائع يحي حقي، عندما أتاني صوتها الهادر ليوقظني علي أحلي هدايا القدر متسائلةً في أدب جم:
- أبحث عن كتاب بعنوان "صح النوم" لـ يحي حقي، هل لديك نسخة منه؟
- أظن أن لدي نسخة من الأعمال الكاملة ليحي حقي قد يكون هذا الكتاب من ضمنها.
أجابها البائع بصوته الأجش بينما عيناه تجوبان تلك الأكوام من الكتب الملقاة علي الرصيف، والمتراصة في عشوائية كنجوم منثورة في سماء غائمة، لا يُهتدي بها ولا إليها.
نزلت اللحظات التالية بي منزل الحمي بالمحموم، فقد انقضت دون أن يتنامي إلي وعيي أنني أحمل مقصدها بين راحتي هاتين .. وأخيرًا خرجت عن صمتي متعلثما:
- هـ هذه هي .. صح النوم.
فقالت وقد تهللت أساريرها:
- حقا؟ .. ولكن ألم تكن علي وشك شرائها؟
- بوسعي البحث عن غيرها.
- لا .. أنا لن أرضي بذلك .. أنت سبقتني إليها.
- سأتركها لك عن طيب خاطر.
- أشكرك بشدة ولكني لن أرضي.
وفي تلك الأثناء كان البائع قد عثر علي نسخة الأعمال الكاملة، وبدا أنه لم يعد هناك دافع مقنع لإصراري، فشكرتني مرة أخري وهي تعطيني الكتاب، وتناولت نسخة الأعمال الكاملة من البائع، والتي من حسن طالعي بذلك اليوم لم تحو قصة "صح النوم"، فعرضت عليها أن نقوم بتبادل الكتابين، ففي ذلك ما يرضي كلانا، وكانت ابتسامتها العذبة خير إشارة علي الموافقة فسألتها في اهتمامٍ غير مفتعل:
- أتستهويكِ كتابات يحي حقي؟
- ليس بعد، ولكني قرأت شيئًا يسيرًا من قصة صح النوم بإحدي المكتبات العامة، وجذبتني إليها بشدة فعزمت علي اقتنائها.
لم يدم الحديث بيننا طويلا، ولكن وقع كلماتها القليلة في نفسي دام لسنوات طويلة بعد ذلك. سألتها أن تحتفظ بالكتابين معًا، فلدي الكثير من كتابات يحي حقي فهو كاتبي المفضل، ولكنها أبت، وذكّرتني بأن اتفاقنا بشأن تبادل الكتابين كان للعدل فيما بيننا، فبادرتها بنبرةٍ مترددة:
- إذن فلتكن استعارة.
- استعارة؟
- نعم، يمكنك استعارته مني بوصفي مالكه المستقبلي.
فقالت مدارية ابتسامةٍ خجولة:
- وأني لك استعادته أيها المالك المستقبلي؟
- إن قٌـدر لنا اللقا.

أخبرتها أني دائم التردد علي هذا المكان لابتياع ما يلزمني من كتب، فازدادت بسمتها كاشفة عن أسنان نضيدة ناصعة البياض، فاستطردت بأنه إن قُدر لنا اللقاء سيكون بنفس المكان. واتفقنا، وافترقنا، وبعدما غابت عن ناظري تذكرت أني لم أسألها عن اسمها، وأنها لم تعرف اسمي.
شهر كامل انقضي لم أنقطع فيه عن زيارة المكان، أقضي ما يزيد علي الساعة أقلب الكتب بين يدي دون أن أشتري منها شيئا، أتنقل بين صفحات الكتاب دون أن يعلق بذهني منه حرفا، أحاول جاهدًا الفكاك من أسر ذلك الملاك الذي أهديته قلبي طي كتاب، لكن بلا جدوي، إلي أن كان اليوم الثالث بعد الثلاثين، كنت علي وشك الأفول إلي بيتي منكسر الخاطر كالعادة، عندما أقبلت .. هي هي .. بابتسامة مشرقة، تحمل حقيبتها بارزًا منها إحدي طرفي الكتاب. قابلتها بفرحة أكبر من أن تستوعبها قلوب البشر مجتمعة، سألتني والابتسام لم يفارقها:
- كيف حالك؟
فردّدت كلماتها كالأبله:
- كيف حالك؟
- بكل خير.
- لم أسألك عن اسمك في المرة الفائتة.
- هند
- محمد

... إنه ذلك النداء الذي يذهب بكل عقلي، تلك الكلمة التي تنطقها بتحريف محبب إلي قلبي تلك الأميرة التي لم تتعلم المشي بعد، عندما تزحف نحوي علي أربع مرددة "بابا"، والتي لا أملك إزاءها سوي ترك القلم لتبقي كلماتي بلا بقية سوي أن تلك الأميرة الصغيرة هي ابنتها.
=========
ملحوظة
الفقرة الأولي من قصة "صح النوم" لـ يحي حقي

Wednesday, August 18, 2010

كانت خبرتي الثانية

كانت خبرتي الثانية، كان التوقيت نفسه أو ما يقاربه، كان الميدان يميد في أضوائه البرتقالية تطل عليه من علٍ، والمارة يحثون في خطوهم خشية السيارات الكثيرة المسرعة التي يعج بها الميدان. لم أكد أتخطي التمثال المقام للفريق أول عبد المنعم رياض، وإذا بغية من الحمام {والتعبير للقرموطي} تتخطاني مسرعة صوب قائد لها يحمل فوق كتفيه كلتيهما نجوما نحاسية تشي برتبته وتعطيه الحق في نهر المارة فضلا عن أفراد سرب الحمام التي اتخذت موقعها علي الرصيف المقابل مولية دبرها للطريق لمنع المارة من اجتيازه لحين عبور الموكب.

اتخذت مكاني أنا الأخر بين أقراني ممن حكم عليهم حظهم بملاقاة الموكب المهيب. أدرت نظري فيمن حولي فإذا بهم كمن تعلوهم الطير، أما أنا فغمرتني نشوة عارمة لإدراكي خبرتي الثانية بعد أعوام ثلاثة. لحظات قليلة وانقطعت السيارات عن المرور، وخلي الميدان إلا من المارة المحجوزين تعلوهم الطير مابين النسور والحمائم، وبدا التمثال، المشير بإحدي سبابتيه كأمثاله علي رؤس الكباري والميادين، في حيرة من أمره، وكأنما يخشى أن يتم ضبطه متلبسا لإشارته غير اللائقة نحو الموكب الذي مرق مخترقا الميدان الخالي وكأنما يمضي لأمرٍ جلل، تحيطه أبواق سيارات الأتاري، وتتقدمه سيارة التشويش وقطع الإرسال، وتأتي في إثرها درة الموكب الداكنة التي يزيدها اللون الأسود رهبة علي رهبة، وجلال علي جلال.

بمرور الموكب أخذت الحياة في الميدان تعود لسيرتها الأولي، انصرف الناس إلي مقاصدهم، وعاد أفراد سرب الحمام إلي مواقعهم، وعادت السيارات إلي جريها الأهوج، واستكملت أنا الأخر طريقي قاصدًا المقهي، مستعيدًا خبرتي الأولي، فللخبرة الأولي رونقها مهما تعاقبت عليها الخبرات... كنت برفقة أحد أصدقائي نتجه سيرًا إلي التحرير بحثا عن كتاب ما، كنا نتجاوز ميدان التحرير عندما كان صديقي يحكي لي عن تلك الواقعة التي شهدها بنفس المكان، عندما كان في طريق العودة إلي منزله في ساعة شديدة الحرارة توقفت فيها الحافلة وطال وقوفها حتي جزع الناس وتساءلوا عن السبب، ومرقت الإجابة سريعة متمثلة في موكب مماثل يخترق الميدان. وبينما صديقي يتابع حكيه اعترض طريقنا أحد المارة قائلا بصوت غليظ:
- مكانك يا كابتن .. اقف مكانك لغاية ما الموكب يعدي.

وقفت وصديقي مشدوهين من أثر الصدمة، فمثل تلك الصدفة لن تتكرر كثيرًا، صدفة لن نتوقف عن سردها في كل مجلس سمر ننزل به، أما أنا فلم أكن أتخيل أن خبرتي الأولي ستأتي بهذه السرعة.
مكثنا علي ذهولنا دقائق إلي أن مرق الموكب وأُذن لنا بالمرور فاستكمل صديقي روايته قائلا:
- بس الموكب ده أصغر من اللي انا شفته، التاني كان أكتر من عشر عربيات، ده أربعة بس.
وهنا تدخلت المرأة التي كانت تعبر الطريق إلي جوارنا حاملة طفلها الرضيع قائلة:
- التاني ده زمانه كان حمار كبير، انما ده جحش صغير.


ملـحوظة
إلي صديقي حامد .. رفيق خبرتي الأولي وخبرات أوْلي كُـثُـر، من مجلسي هنا علي مقهي "أفتر إيت"، وحيث حجر التفاح الثاني علي وشك –بتسكين الشين- الانتهاء ... تحياتي.
محمد عوض

Monday, May 31, 2010

باطنية الورق



كانت حاجة عادية ان حد مألوف يدخل ويقول بنبرة تحذيرية كلمة واحدة كفيلة ببث نشاط أهوج في كل من في المكان، وفي خلال ثواني بتكون بيبان المحل التلاتة اتقفلت بالضبة والمفتاح علي كل اللي جواها من المكن والورق والبني ادمين، وفي الغالب الزباين بيكونو فاهمين ومش مستغربين لان الكلمة اللي قالها الحد المألوف بنبرة تحذيرية هي ... مصنفات.

بين السرايات، أو علي حد تعبير الاستاذ علي صاحب المحل ((بين الخرابات))، منطقة معروفة جدا بحكم قربها من جامعة القاهرة، لكن مش ده السبب الوحيد في شهرتها، السبب الأول والأهم، إنها أكبر وأهم سوق لتجارة الورق في البلد كلها، وتجارة الورق دي معناها كل ما يتعلق بالورق من كتابة وطباعة وترجمة وإعداد رسائل علمية وتدقيق لغوي وصيانة أجهزة كمبيوتر والقيام بأعمال البرمجة والفوتوشوب زي ما بتقول كل لافتات المحلات اللي موجودة في المكان، والغريب فعلا ان المكان ده بيعتمد علي الجامعة (بطلبتها ودكاترتها وسلطاتها وبابا غنوجها) بنسبة ما تزيدش علي 20% بس من مجمل حركة العمل، والنسبة دي في الغالب بتكون المكتبات اللي بتعمل ملازم لكليات حقوق وتجارة وأداب وهندسة وغيرها، والباقي كله شغل شركات ومصالح حكومية وسيناريوهات واسكتشات برامج وكل ما له علاقة بالورق من قريب أو بعيد، كل ده برضه نقلا عن الأستاذ علي صاحب المحل، وهو أكيد أكثر دراية لانه شغال في المكان ده من اكتر من عشرين سنة، من أيام الالات الكاتبة وأجهزة الكمبيوتر اللي نايمة علي بطنها.

المهم.. يوميها الوضع كان مختلف جدا، ع الأقل بالنسبة لي لاني كنت يادوب شغال هناك من يجي كام شهر، كان في العادي لما حد مألوف يقول بنبرة تحذيرية كلمة مصنفات كنا بنقفل لمدة عشر دقايق ولا ربع ساعة بالكتير، بيعدي فيها البوكس بتاع شرطة المصنفات وياخد اللي فيه القسمة، وياخد كمان اللي حظه المنيل خلاه ما يقفلش بيبان محله في الدقيقتين دول، وبس، ونفتح البيبان التلاتة تاني والزباين تاخد شغلها وتمشي عادي جدا، انما يوميها الوضع كان مختلف جدا، يوميها بين السرايات كانت زحمة قوي عن العادي، وخصوصا بالطلبة، ولما بتوع المصنفات جم كان واضح انهم جايين في مهمة معينة مش مجرد بيقلبوا رزقهم، وكانوا حاطين عينهم ع المكتبات اللي بتبيع الملازم للطلبة .. في الأول خدوا شوية أجهزة كمبيوتر علي شاشات من المكتبات دي، وبعدين بدأوا يلموا في الملازم، انا استغربت قوي هما واخدين الورق ده ليه، يعني دي ملازم لطلبة الجامعة ايه اللي يخليهم يشغلوا بالهم كده ويلموا الورق ده كله ويشحنوه ع البوكس، ولما البوكس يتملي يجيبوا بوكس تاني وتالت ويلموا كل الورق المشفر اللي في المنطقة كلها، ولما سألت نفسي بصوت عالي رد عليا واحد واقف جمبي قالي: انهم جايلهم توصية من دكاترة الجامعة لان الطلبة بيشتروا الملازم دي ومابيشتروش كتب الدكاترة، استغربت أكتر من الاجابة دي، وبالرغم من اني ما استبعدتش انها تكون مجرد اشاعة، إلا إني لما دورتها في دماغي لقيتها مقنعة، قوي وخصوصا لما خدت بالي اننا أياميهم كنا علي أعتاب امتحانات نص السنة، وده السبب في زحمة الطلبة في المكان في الايام دي، وبعدين افتكرت حكاية تانية خالص.... في جامعة المنصورة أغلب الدكاترة بيتبعوا نظام غاية في الانحطاط والدناءة، كل سنة او ترم الدكتور بيكون منزل كتاب للمادة، والكتاب ده بيكون معاه شيت عبارة عن ورقة أسئلة أو سعات مجرد ورقة مكتوب عليها الأسم والفرقة كعناوين والمفروض ان الطالب بيملي الخانات دي ببياناته ويقدم الشيت للدكتور، وبكده الدكتور هايقدر يعرف مين اللي اشتري الكتاب ومين اللي ما اشتراش، وبديهي ان اللي ما اشتراش هايتظبط في الامتحان وفي اعمال السنة، أو بمعني تاني، هايشيل الليلة.

وفجأة اللي واقف جمبي، وكأنه كان بيقرأ أفكاري، قالي: هما بيعملوا الحركة دي قبل كل امتحانات، ولما قلت له: بس مش حرام الورق ده كله يضيع كده، مش الغلابة اللي واقفين دول كانوا أولي بيه؟ مش كفاية خسارة اصحاب المكتبات؟، رد عليا وقالي: انت فاكر ان اصحاب المكتبات دول خسرانين حاجة، حتي لو خدوا ورق قد ده ميت مرة هما مش خسرانين. وساعتها افتكرت لما الاستاذ علي صاحب المحل قالي مرة، بعد ما أقسم بكل الغاليين، ان المنطقة دي فيها تجارة بمليارات الجنيهات، وان في ناس فيها بتكسب ملايين في اليوم الواحد.

المهم أنا انتهزت الفرصة دي وطلعت الموبايل وخدت لي كام صورة للذكري، صورة التدوينة دي واحدة منهم والباقي علي صفحة المدونة في الفيس بوك ع اللينك ده.

Monday, May 17, 2010

كي لا تضيع البقية

ما فعله أهالي بلدة كتر مايا لم يكن سوي رد فعل طبيعي علي جريمة بلغت من البشاعة مبلغا أصبغ علي رد الفعل الصفة نفسها، ثم ماذا تراهم فاعلون بقاتل عجوزين وطفلين؟ ما قاموا به من التنكيل بجثة القاتل لم يكن من العقل في شيء، ولكنه أتي بدافع من الغضب المتأجج في النفوس.

هكذا برر البعض تلك الواقعة التي جرت قبل أسبوع ببلدة كتر مايا اللبنانية بأنها كانت تعبيرا عن براكين من الغضب ضاقت بها النفوس والتي لم يكن من بد سوي تفجيرها. ولكنهم لم يسلكوا المسلك نفسه في تبرير فعلتي أنا بأنها هي الأخري كانت بدافع من الغضب وأنها لم تخل من بشاعة خلعتها عليها جريمة أهل البلدة.

بداية يتوجب عليَّ الاعتراف بأخطائي، لقد أخطأت عندما قمت بنقل انفعالي السلبي ولم أقم باحتوائه، وأخطأت عندما تخطيت حدود الأدب وتلفظت بألفاظ، وان كنت لا أخجل من استخدامها، إلا أنني أخطأت حينما ذكرتها بمجال وافقت علي احترام نظامه الأخلاقي، وأخطأت أيضا حينما جمعت الحابل ع النابل وأتيت علي ذكر المقاومة في غير موضعها، وإزاء كل هذا لا أملك من أمر الدفاع عن نفسي سوي أن أعتذر عن كل ما اقترفته من أخطاء.

ويبقي أن أقول اني مازلت علي رأيي، وأنه من الاجحاف تفريغ تلك الواقعة من مضامينها الجلية، ومن الاجحاف أيضا إغفال العلاقة بين كل تلك الحوادث المتتالية. فتلك النغمة التي طال ترديدها، بأننا مازلنا إخوة وبأن الحوادث الفردية لن تعبر عن مكنون الصدور، باتت غير مستساغة بالمرة. من السعودية إلي الجزائر إلي السودان وأخيرا وليس بآخر واقعة كتر مايا بلبنان كلها حلل متباينة لمضمون واحد، ولو كان بإمكاننا إنطاق تلك الوقائع لأخبرتنا بأن الشعوب العربية تشعر - وإن أخطأت - بأن الشعب المصري ينظر إليها بعين الكبر والغرور، وبأن الشعب المصري يشعر - وإن أخطأ - بأن الشعوب العربية تكن له فيضا من مشاعر الحقد والكراهية.

وما يثير الدهشة حقا هو كثرة الوقائع التي تؤكد نفس المعني وتحمل ذات المضمون، ولكنها في الغالب تكون ذات قدرة محدودة علي لفت الانتباه، فالأمر لا يتعلق فقط بالمباريات المؤهلة للكأس العالمية، فدائما ما تشهد مباريات الفرق المصرية بأي من أشقائها العرب أجواءًا ساخنة في كل ميادين الرياضة، وأحيانا ما تنتهي بمشاجرات عنيفة تتخضب علي إثرها ساحات اللعب بالدماء العربية، إلا أنها دائما ما يتم تحجيمها تحت وطأة تلك النغمة البالية لنعود ونذكر أنفسنا بأننا مازلنا إخوة وسنظل إخوة.

واذا كنا حقا إخوة ألا يوجد من بين كل المحترفين في الدوري المصري محترف واحد من بلد عربي، بالطبع يوجد من هم علي شاكلة كريم العراقي ورمزي صالح من محترفي الجلوس علي دكة الاحتياط، ولكن ألا يوجد محترف واحد تهتف باسمه الجماهير المصرية كما تهتف لأخوته من المصريين والأجانب، ألا يلعب الإخوة معا؟؟؟

قد أكون بكلماتي السابقة عدت إلي ما سبق أن وقعت فيه من أخطاء، ولكني أناشد من غفروا لأهل كتر مايا ذلتهم أن يغفروا لي أيضا، فأنا لم أستطع منع مشاعري من التأجج لدي مشاهدة هذا الكم من المجلدات التي حملت الاسم نفسه والتي نأت بحملها أرفف مكتبة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، عنوانا واحدا حملته كل تلك المجلدات "السوق العربية المشتركة" وجعلت أتساءل كم تكون يا تُري عدد الأفكار التي حملتها كل تلك المجلدات؟ وهل عجزت جميعها عن هزيمة الواقع؟ الواقع.. هل نتكلم بلسان الواقع؟ إذا أنطقنا الواقع سيخبرنا بأن نسبة التجارة البينية العربية من إجمالي التجارة الخارجية العربية تدور حول الرقم 10% بمعني أنه من بين كل مائة وحدة نقدية تنفقها الدول العربية علي تجارتها الخارجية، تنفق منها عشر وحدات فقط في داخل الوطن العربي والباقي خارجه، وتنطبق المؤشرات ذاتها علي الاستثمارات العربية. ولكننا لا نملك إزاء ذلك الواقع سوي أن نشيح بوجوهنا عنه مرددين تلك النغمة البالية مؤكدين علي أخوتنا وصلابة عصبتنا.

ما حدث ببلدة كتر مايا اللبنانية لا يمكن تفريغه من محتواه ولا يمكن فهمه بمنأي عن السياق العام للواقع العربي الحالي، ما حدث هو أن شاب يحمل الاسم محمد مسلم مصري الجنسية تم سحله وصلبه بعد فاضت روحه إلي بارئها وهو وحده الذي يعلم إن كان هذا المذبوح هو القاتل أم القتيل. من غفروا لأهل بلدة كتر مايا فعلتهم بدعوي أننا لو كنا هم لأتينا ما أتوا بلا قلوب وجلة، أتساءل إن كانوا حقا يشعرون بالامان أم أن تلك إحدي وصلات نغمة الأخوة؟ أتساءل إلي متي سنعمد إلي طمس الحقائق وتغييب الواقع؟ أتساءل؛ ألم نفهم بعد أن طوقان كان ساخرًا حينما قال:

أنتم المخلصون للوطنية ... أنتم الحاملون عبء القضية
في يدينا بقية من بلادٍ ... فاستريحوا كي لا تضيع البقية
؟؟؟

Saturday, May 1, 2010

احنا ولاد كلب



اسمه محمد مسلم

سبحان الله

شوف يا أخي الاشارة

اسمه محمد مسلم

محمد مسلم

محمد مسلم

ممكن تكتب اسمه ع الجوجل

او ع الفيس بوك

او ع اليو تيوب

وكل النتايج اللي هاتجيلك هاتكون عن شخص واحد

محمد مسلم

الشاب المصري اللي تم صلبه علي عمود كهربا

بعد ما تم سحله في شوارع بلدة كترمايا

في لبنان

سيبك بقي من كل التحليلات

وكل الاراء

وكل الاطراف

وكل الاديان

وكل البني ادمييييين

وخليك في الكلاب

الكلاب ولاد الكلاب

لمجرد انهم اشتبهوا فيه

عملوا فيه كل ده

بس في الاول وفي الاخر نرجع ونقول احنا برضه اخوة

الحجات الصغيرة دي ما تأثرش فينا

بتحصل في احسن العائلات يعني

طب والنبي نتنيل علي خيبتنا وخيبة اللي خلفونا

لما نبقي اوسخ شعوب الارض

واغبي شعوب الارض

واهون شعوب الارض

وكلاب الدنيا مطلعة ميتين اهالينا

ونعمل في بعض كده

قال ايه اوصر الود وصلات الرحمة واخدة حدها معانا

لدرجة اننا لازم نقتص من اللي يتعدي علينا او علي حد من دمنا

طب والنبي كنت حسو علي دم اللي خلفكم ولموا الشراميط بتوعكم من الفضائيات

ولا بتبقوا مبسوطين قوي لما هيفا تتلف في علم لبنان وترقص رقصة للمقاومة

لمجرد انهم اشتبهوا فيه

لمجرد انهم اشتبهوا فيه

بلد بحالها مافيهاش واحد يقول حرام

بلد بحالها مافيهاش دين يقول حرام

ده حتي ربنا حرم علينا نعمل كده في الكلاب

بس الحمد لله الحمد لله الحمد لله

بلدنا لسه بخير

الخارجية بتاعتنا الحمد لله بعتت جواب للاخوة في لبنان

وزمانه لسه واصل

السكة بقي والمواصلات انتو عارفين

معالي الوزير احمد ابو الغيط متابع الموضوع بنفسه

زي ما تابع حكاية مروة الشربيني

وزي ما تابع حكاية الدكاترة اللي اتجلدوا في السعودية

وربنا يخليهولنا ويخلي لنا كل الرؤساء والزعماء

انما احنا

احنا ولاد كلب

احنا ولاد كلب

احنا ولاد كلب

بس اذا كنا كلاب

ماهو ماحدش يتعمل فيه كده الا اذا كان كلب

واذا كانوا هما كلاب

ماهو ماحدش يعمل كده الا اذا كان حيوان

يبقي معني كده اننا عايشين في الغابة

صح؟

يبقي معني كده ان اللي بيحكمنا هو قانون الغابة

صح؟

يبقي الراجل العجوز عنده حق

لما قال انه من حقه يقتل اي لبناني يشوفه في البلد

زي ما اللبنانيين قتلوا ابنه

بس الأصح من كده

ان انا كمان من حقي اقتل أي لبناني اشوفه في البلد

ماهو كلب

وانا كلب

وكلنا ولاد كلب


Tuesday, April 13, 2010

لما تبقي حبيبي

Thursday, April 8, 2010

Los demas


النهاردة هانتكلم عن حاجة مهمة جدا
هانتكلم عن
الرأسمالية والاشتراكية
اعتقد ان كلنا سمعنا الكلمتين دول قبل كده
واكيد في ناس يعرفوا معناهم ايه
لكن اعتقد ان في ناس كتيير مش عاوزين يعرفوا
وده حقهم
وعلشان كده احنا مش هانتكلم عنهم
قصدي الرأسمالية والاشتراكية
لكن هانتكلم عن حاجة تانية
بس الاول هانحكي حكايتهم
...
..
.
الرأسمالية هي اللي جت الدنيا الأول
جت مع عصر النهضة الصناعية
في الغرب طبعا
احنا مالناش دعوة بالنهضة والصناعية والكلام ده
بعيد الشر
وبعدين الاشتراكية جت بعدها
اللي حصل ان الناس اصحاب المصانع لما القرش جري في ايدهم
افتروا علي خلق ربنا
كل واحد فيهم بقي بيفكر ازاي يوصل لأكبر مكسب ممكن
ويدفع اقل قدر من المصاريف
في الأول استقوي ع العمال الغلابة
بقي يشغلهم اكبر عدد سعات ممكن
وبأقل أجر
يعني باختصار كده كان بيستعبدهم
وبعد شوية اتنقل ع الفلاحين
اللي بيزرعوا المادة الخام أيا تكن والمصنع بتاعه يصنعها
فاشتري كل الاراضي وشغل الفلاحين عنده
واستعبدهم هما كمان بنفس الطريقة
ومن هنا طلعت الاشتراكية
وقالت لأ وألف لأ
ماينفعش الدنيا تبقي بزرميط كده
ولازم الدولة تتدخل وتلم الناس دي شوية
وقالت ان الحل هو ان الدولة هي اللي تشتري المصانع والاراضي دي كلها
وتشغل كل الناس دي عندها
مش في مقابل فلوس بقي
انما في مقابل انها توفر لهم كل حاجة
الاكل والشرب والكهربا والمستشفي والماوسات والنت
كله كله يبقي ببلاش ويتقسم بالعدل علي كل الناس
وبكده ما يبقاش في غني ولا فقير والدنيا تبقي قشطة بالعسل
لحد هنا تمام؟
احنا النهاردة مش هانقول حاجة تاني عن الرأسمالية والاشتراكية
لكن هانتكلم عن الأخر
انت ايه رأيك في الأخر؟
أنهي أخر؟
أي أخر؟
كل انسان في الدنيا بالنسبة لك هو الأخر
يعني لو انت عربي يبقي الغربي بالنسبة لك أخر
ولو انت مسلم يبقي المسيحي بالنسبة لك أخر
ولو انت أبيض يبقي الأسود بالنسبة لك أخر
ولو انت زملكاوي يبقي الأهلي بالنسبة لك بُعبُع.. قصدي أخر
ولو انت رأسمالي يبقي الاشتراكي بالنسبة لك أخر
والعكس صحيح
السؤال بقي:
انت بتبص للأخر ده ازاي؟
بصراحة كده ومن غير تذويق للكلام
احنا مانعرفش حاجة اسمها أخر
من واحنا صغيرين واحنا بنتربي علي الأنانية والفردية
أمك تحط لك السندوتشات في الشنطة وانت لسة ابن سبع سنين وتقولك:
"اوعي حد ياخد منك.. تاكلهم كلهم لوحدك"
أبوك ربنا يفتحها له ويدخل عليكم بربع كيلو موز مضروب
يديلك صابع ويقولك
"كلها هنا اوعي تطلع بيها قدام الباب لاحسن ولاد الجيران يشوفوك"
تفتح التلفزيون تلاقي الاستاذ عادل امام اللي عامل زي ايد المأشة
واقف لوحده وبطوله وبيضرب عصابة بحالها
وهو مربوط في دركسيون العربية
ومافيهمش واحد قادر له
تجيب بانوراما دراما تلاقي الاستاذ نور الشريف بيحارب المافيا لوحده برضه
وبعون الله وقوته يتنصر عليهم كلهم بقبضة سعد الدالي
تقلب علي قناة دريم تو
تلاقي الأستاذ وائل الإبراشي قاعد بشعره الغريب ده
ومعاه سبعة كلهم بيتكلموا في نفس الوقت
وماتعرفش مين فيهم اللي بيسمع
يبقي ازاي هانعرف إن في أخر إذا كنا من صغرنا اتربينا علي كده
اتربينا علي إن رأينا هو الصح وفيما عدا ذلك كلهم خونة وجواسيس
المهم اننا لو راقبنا نفسنا كده شوية
هانكتشف اننا عندنا استراتيجيتين اتنين بس
هما اللي بنواجه بيهم الأخر دايما
يا إما بنهول منه
يا إما بنهون منه
والجميل إننا في الحالتين بنبقي غلطانين
قبل ماتش مصر والبرازيل كل الناس اتفقوا علي رأي واحد
إننا هانتغلب 4-0 مع الرأفة
والماتش خلص 4-3 بالعافية
وأدينا أجمل أداء في عمرنا كله
ولما عرفنا مجموعتنا في تصفيات كاس العالم
كله قالك: بس يا معلم كده صاعدين وكده صاعدين
هاناخد زامبيا هنا 4-0
وهناك 2-0
ورواندا هنا 8-0
وهناك 2-0
والجزاير هنا 3-1
وهناك 2-2
ودوس يا معلم
لسه بنقول بسم الله اول ماتش مع زامبيا في القاهرة
جابوا فينا جول في اول الماتش واتعادلنا بالعافية في اخر الماتش
بعد فضيحة في الأداء طبعا
وأظن ناس كتير سمعوا تعليق السادات ع الماتش ده
وده أبلغ تعليق من وجهة نظري
المهم
...
..
.
بمنتهي البساطة لو فكرنا في الموقف ما بين الرأسمالية والاشتراكية
الاشتراكية دي قامت وهدفها الأساسي القضاء علي الرأسمالية
ووضحت وجهة نظرها في ده من الأول
يبقي أساسي ان الرأسمالية مش بس هاتعتبرها أخر
لأ دي هاتعتبرها عدو
لكن انا ليا وجهة نظر ممكن تكون غريبة بعض الشيء
انا شايف ان الاشتراكية حملت في رحمها المضاد الحيوي
المضاد الحيوي اللي هايساعد الرأسمالية علي الانتصار والاستمرار
بمعني
ان الرأسمالية قدرت تحدد حجم الاشتراكية
واعترفت بأخطاءها وبدأت تعالجها من وجهة نظر الاشتراكية
بس بالاستراتيجية الخاصة بيها هي
يعني ايه برضه الكلام ده
يعني الرأسماليين خدوا بالهم ان الاشتراكيين بقي ليهم وزنهم فعلا
وبدأ يمثلوا تهديد بالنسبة للرأسمالية
واعترفوا انهم زودوها شويتين مع العمال والفلاحين
فبدأوا يتبعوا سياسات جديدة خالص
زي مثلا ان بقي في قانون يحدد العلاقة بين العامل وصاحب العمل
يحدد سعات العمل وظروف العمل
بقي في كيان يعبر عن صوت العمال اللي هو النقابة
كل ده قدروا انهم يمتصوا بيه ثورة العمال والفلاحين
وبالتالي الاشتراكيين رجعوا لنقطة البداية
كل اللي يهمني من الموضوع ده هو نظرة الرأسماليين
ومع إني بكرهم كرهي لحسن شحاتة ولتامر حسني
إلا اني معجب جدا بنظرتهم للاخر
...
..
.
في نكتة عبقرية علي موضوع ثقافة الأخر ده
لما جماعة يطلعوا علي واحد بالسلاح ويقولوا له:
انت معانا ولا مع الناس التانيين
فقلهم من الخوف:
انا معاكم
فقتلوه ويقولوا له:
أصل احنا الناس التانيين
احنا دايما شايفين ان الاخر ده عاوز يضرنا
وخصوصا بقي لو مانعرفوش ولا يعرفنا
نطلع اساطير عنه وعن اللي بيعمله وبيفكر فيه
المشكلة ان ده بيخلينا دايما بعيد تماما عن الواقع
واقعنا وواقع الاخر
زي الأسطورة اللي عملناها عن اسرائيل
أو اللي قدرت اسرائيل تسوقهالنا بعد هزيمة 67
...
..
.
ليا صديق انا بقول عليه سلفي وهو بيقول عليا علماني
جه في يوم وقالي تعالي اما اوريك حاجة
ووراني الفيديو المشهور للشيخ محمد حسان بيهاجم فيه عمرو خالد
المهم انا سمعت الفيديو وسكت وسيبته ومشيت وانا بقول:
"لا حول ولا قوة الا بالله"
هو كان مبسوط قوي انه قدر يثبت لي ان عمرو خالد ده من الخوارج
المهم ان الموضوع طلع ع الفاضي في الاخر
واتضح ان الشيخ محمد حسان جانبه الصواب في حجات كتير قوي
لانه اتضح ان عمرو خالد ماقالش الكلام ده خالص
وان الشيخ محمد حسان سمعه من حد بعد ما تم تحريفه
او الله اعلم بقي جابه منين
وكانت النتيجة لا تحمد عقباها بالمرة
لمجرد ان احنا (أبو بالاحري قدواتنا) مش عارفين يعني ايه الأخر
المهم انا جيبت الفيديو اللي فوق ده
ووريته لصاحبي
وكانت النتيجة انه اتحجج وقالي لا
انا عندي الفيديو اللي بيقول فيه كده وهاجيبهولك
ومن اياميها لغاية النهاردة لا هو جاب حاجة
ولا الشيخ محمد حسان قالنا هو جاب الكلام ده منين
ولا رد ولا اعتذر للراجل اللي غلط في حقه
وسكت والموضوع اتقفل وخلاص
...
..
.
حد فكر عنوان التدوينة ده ايه؟
او معناه ايه؟
ولا مكتوب بأنهي لغة؟
هو مكتوب بحروف لاتينية
بس في لغات كتير قوي بتتكتب بالحروف اللاتينية
في ناس ممكن لما يشوفوا العنوان كده ويحسوا انه غريب
يقرروا انهم مش هايقروا التدوينة خالص
وفي ناس يقروا العنوان ويعرفوا انهم مش عارفينه
فيقولوا ان صاحب المدونة دي بيتفذلك
والله ما انا جاي هنا تاني
هي ناقصة فذاليك
وناس تانيين يقروا العنوان ويعرفوا انهم مش عارفينه
لكن يترجموه علي مزاجهم
ولو عجبتهم الترجمة يقروا التدوينة ولو ما عجبتهمش ما يقروهاش
وناس يقروا العنوان وهما عارفينه او مش عارفينه
بس هما مقررين انهم يقروا التدوينة
ويعرفوا العنوان الغريب ده بيقول ايه
التدوينة عنوانها
Los demas
والكلمة دي باللغة الأسبانية معناها
الأخــر

Tuesday, March 23, 2010

انت نازل؟؟؟



سألني بمنتهي البساطة: انت نازل؟ فقلت له: أيوة نازل.
بس الحكاية ما بدأتش هنا. الحكاية بدأت من يجي أربع سنين، لما قررت إني هابقي واد إيجابي فيما يخص موضوع النضافة وقلت انا من النهاردة مش هارمي حاجة ع الارض. أي حاجة، وعلي أي أرض... والتزمت.. أكتر من تلت سنين فضلت ماشي علي مبدأي ومابرميش حاجة ع الارض وكنت فاكر ان كده البلد هاتنضف، مش كده بالظبط يعني بس لما كل الناس تعمل كده اكيد البلد هاتنضف وقلت ابدأ بنفسك بقي وكل الكلام الحمصي ده، وفضلت علي كده أكتر من تلت سنين لغاية ما جه يوم بصيت حواليا لقيت الزبالة في كل حتة بتطلع لي لسانها وتقولي: بتعمل ايه يا أهبل. وبناء عليه قررت اني ارجع واد سلبي تاني ايه اللي انا جنيته من تلت سنين، يا دوب شوية من اصحابي اقتنعوا وبدأوا يعملوا زيي بس الحال زي ماهو وانا اتخنقت بصراحة مش من موضوع النضافة والزبالة بس من الايجابية كلها وقررت أبقي نازل.

لما بتكون في المترو ونازل المحطة الجاية وفي واحد واقف بينك وبين الباب بتسأله: انت نازل الجاية؟ لو كان نازل بيرد عليك ويقولك: أيوة نازل، ولو مش هاينزل هايرجع ورا ويسيبك تطلع مكانه، بس هو ماكانش واقف ورايا ده كان واقف في وسط العربية ومع ذلك سألني بمنتهي البساطة: انت نازل؟ فقلت له: أيوة نازل، فقالي: بص كده قدامك. استغربت قوي وبصيت قدامي ورجعت بصيت له بعيون مش فاهمة، فقالي: اللي مكتوب ع الباب.. ممنوع النزول.

اااااااااه ايوة ايوة.. الحكومة بتاعتنا المصونة والجوهرة المشلولة.. قصدي المكنونة كانت ابتلتنا كده بموضوع جديد من فترة، ونازلة زن علي دماغ الناس فيه، قال ايه عاوزة الناس تلتزم بأبواب الصعود والنزول في المترو، وقال ايه برضه ان هو ده اللي هيحل مشكلة الزحمة.. وبعيدا عن الدخول في مناظرة مع الحكومة لمناقشة فايدة الموضوع ده من عدمه، كل ده ما يفرقش معايا اللي يفرق معايا هو رد فعلي اللي كان غاية في اللامبالاة ومش عارف بجد انا جبت البرود ده منين لما قلت له بكل بساطة: وايه يعني؟ فقالي: يعني ماينفعش تنزل من هنا، فقلت له بنفس كمية اللامبالاة: وايه اللي هيحصل يعني لو نزلت من هنا؟ فقالي علي مسمع ومرأي من كل الحاضرين: وليه نعمل الغلط.. ما باب النزول اهه مش بعيد. فردت عليه وقلت له: انت شايف انها هاتفرق يعني؟ فقالي بمنتهي الهدوء: أكيد طبعا هاتفرق، مش جايز العيب فينا احنا، ايه المشكلة لما نجرب نعمل حاجة صح... ولحد هنا سكت الكلام لاني اتحركت بمنتهي الهدوء من مكاني وروحت وقفت قدام باب النزول.

لما قررت اني استجيب لكلامه واروح انزل من باب النزول كان كل اللي في بالي اني اقدم له خدمة، كنت عاوز اقوله انه ماشي صح، وانه لازم يعمل كده كل مرة من غير ما ييأس، كنت خايف انه يعمل زيي بعد كام سنة ويفقد الأمل، لكن بعد مانزلت من المترو اكتشفت ان في حاجة تانية حصلت، اكتشفت ان اللي حصل بيني وبينه كان درس صوت وصورة لكل اللي كانوا موجودين في المترو وشافوا وسمعوا الحوار اللي دار بينا.

كان شاب في سني تقريبا، شاب عادي جدا مش مربي دقنه ولا حاجة، يعني مش من الوعاظ، بس من المهمومين، من المهمومين بحالنا وحال البلد بتاعتنا، ومش من المدعين انهم مهمومين، يعني ماقررش يرشح نفسه للرئاسة ولا يغير الدستور علشان يغير حال البلد للاحسن، ماقررش انه يعمل برنامج توك شو ويعمل نفسه واحد من الناس ويعيط فيه علي حال البلد واللي وصلت له، ماقررش انه يعمل جروب ع الفيس بوك، وما قررش يعمل حجات كتير قوي كان ممكن يرضي بيها نفسه، بس قرر انه مش هايسكت ع الغلط، قرر انه مش هايسمح بإنه يشوف حد نازل، علشان البلد ما يبقاش حالها علي طول الخط في النازل.

Tuesday, March 16, 2010

الحب فوق هضبة الهرم



- المسألة بكل بساطة ان الجواز بقي شيء مستحيل وسياتك طبعا سيد العارفين.
- بصراحة انت مشكلتك صعبة .. لكن أرجع وأقول ان الشباب اللي زيك عليه معظم العبء في تغيير المجتمع حسب ظروفه الجديدة.

لو افترضنا ان السينما وخصوصا الواقعية منها بتقدم صورة للمجتمع لا تقل في صدقها عن الصورة اللي ممكن تقدمها لنا مرايتنا، ولو افترضنا ان الفيلم ده بالفعل قدم لنا صورة للمجتمع المصري سنة 1986، وأخيرا لو افترضنا اننا النهاردة بقينا سنة 2010 .. وانت عامل ايه دلوقتي؟؟؟

فيلم "الحب فوق هضبة الهرم" عن قصة الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ بطولة النجم الأسمر أحمد زكي واخراج عاطف الطيب وانتاج 1986 قدم صورة ممكن توصف بالسوداوية في وقتها لكن النهاردة ممكن توصف بإيه؟ الفيلم في كلمتين اتنين "صرخة مؤلمة" .. كل اللي حصل ببساطة ان شاب مصري بسيط ينحدر من الطبقة الوسطي تخرج في كلية الحقوق وتم تعينة من قبل الدولة بإحدي مصالحها في وظيفة لا يعرف كنهها ويعجز راتبها عن استيفاء حاجاته الأساسية منفردا. هذا الشاب عاوز يتجوز البنت اللي بيحبها ولانه بيحبها ولان الحب في الاول بيلون الدنيا فوشيا بيقرر بمنتهي البساطة انه يروح يخطبها من اهلها، وفجأة الدنيا اللي كانت فوشيا تبتدي تغمق وتخبطه في حيطه ورا التانية. لكن هو كان مؤمن تماما ان حبه وقوة ايرادته كفيلين بإنهم يكسروا أجدعها حيطة.

- رجاء: ايه فايدة الحب واحنا مش قادرين نحقق أي حاجة يا علي؟
- علي: طول ما في حب مش هاتكون في أي مشاكل.

المهم.. "علي" بيقرر يتحدي كل الحيطان اللي في البلد و"رجاء" بتهاوده، بس هي هاتعمل ايه؟ ماهي كمان بتحبه، ومش معقول الدنيا كلها هاتضيق علي اتنين كل احلامهم انهم يتجوزو، لكن الجواز ده مش اللعبة اللي كنا بنلعبها واحنا عيال صغيرين ونمثل فيها دور بابا وماما.. الجواز ده عاوز شقة وشبكة وشغل كله بحرف الشين.

- المدير: اومال انت بتعمل ايه؟
- علي: بشرب شاي وبقرا جرايد وابحلق في زمايلي يا فندم.
- المدير: ازاي الكلام ده .. اومال انت موظف هنا ليه؟
- علي: انا بسأل نفسي نفس السؤال يا فندم .. مش معقول اتعلم 16 سنة وفي الاخر اتعين في وظيفة منيش عارف ايه هي .. كل اللي بعمله ان انا بمضي حضور وانصراف.
- المدير: الكلام اللي بتقوله ده يا استاذ "علي" كلام خطير ويتنافي مع خطة الانتاج اللي أعلنت عنها الدولة. - علي: لا يبقي خلاص يا فندم .. طالما الدولة بتقول كده يبقي أنا غلطان طبعا.


طالما الدولة بتقول.... بس هي الدولة بتقول ايه دلوقتي؟ طب الكلام ده ايام ما كانت الدولة عندها خطة انتاج، دلوقتي عندها خطة ايه؟ انا بحاول اتخيل ببساطة لو شاب دلوقتي في موقف علي ده.. يعني بيحب واحدة وعاوز يتجوزها وقرر برضه بنفس الدرجة من الجنان انه يروح ويتقدم لها وهو علي فيض الكريم، ايه هايكون موقف أهلها؟

- الأب: في واحد عاوز يتقدم لرجاء .. بتقول انه زميلها في الشغل.
- الأم: يعني موظف .. يبقي لازم عنده دخل غير مهيته؟
- رجاء: لا أبدا ده انسان بسيط وعلي قد حاله.
- الأم: يعني ايه؟
- رجاء: احنا اتفقنا علي كل حاجة
- الأم: اتفقتوا علي ايه؟ ح يدفع مهر ولا هو اللي هايجهز؟
- رجاء: لا ح يدفع مهر ولا ح يجهز.
- الأب: لازم بقي عنده شقه جاهزة؟
- رجاء: ماعندوش.
- الأم (بمنتهي البساطة): طب اومال عاوز يتجوزك ليه؟
- رجاء (بمنتهي البساطة برضه): لاننا بنحب بعض
- الأم: الحقني يا محمد .. بنتك اتجننت في عقلها.
- رجاء: ريحي نفسك يا ماما.. انا ح اتجوز علي يعني ح اتجوزه.. حتي لو اضطريت اعمل كده من وراكو.

ده كان موقف "رجاء" اللي ما اختلفش كتير عن موقف "نعمة" بعد 18 سنة يعني في سنة 2004، وهي دي السنة اللي انتج فيها فيلم "صايع بحر" من تأليف بلال فضل واللي تقريبا ومن غير سابق ترتيب، بيتكلم عن نفس المشكلة بعد مرور كل السنين دي.

- انت عايز مني ايه يا حنتيرة؟
- بحبك يا نعمة.
- طب وبعدين؟
- طب قولي لي وانا كمان.. بلاش غمضي عينك، بربشي، العبي في شعرك، الطمي علي وشك، اعملي اي منظر.
- ليه انت فاكرني زي بتوع الجامعة ولا ايه؟ أني معايا دبلوم يعني بنحبو نجيبو من الاخر.
- ماشي، انا عارف انك بتحبي تجيبي من الاخر .. طب أخرك فين يا نعمة؟
- لو هاترمي بياضك بالحلال انا زي البحر ماليش اخر .. انما لو ليك شوق في الطياري اخري لابساه في رجلي وهانسله علي دماغك.
- وربنا المعبود اللي مانعرف غيره انا بنحبك وبنموت في امك وعايزين نجوزك دلوقتي حالا بس...
- ايوة، هي بس دي .. قلي يا ابن الحلال مقدرتك ايه واني لو ما وقفتش جمبك يبقي اني بت مش تمام.

بس هو صحيح حنتيرة كان بإيده ايه يعمله وماعملوش، ماهو مقطع نفسه، بالنهار فارش في السوق مع أبوه، وبالليل شغال زفاف، واهي ماشية، ده غير ابوه وامه اللي في رقبته وكل شوية مشاكل وبلدية وكفالة وغرامة، وهو كمان كل اللي عاوزه انه يبطل صياعه بقي ويتلم ويتجوز البت اللي بيحبها واللي من سعده، هي كمان بتحبه وعندها استعداد تقف جمبه وتساعده وتستناه، حد لاقي واحدة زي نعمة دلوقتي.

- نعمة: بس حنتيرة طيب وحنين وابن حلال.
- أمها: بس فقير.
- نعمة: الفقر مش عيب يا امه.
- أمها: لا الفقر عيب .. الفقر عاهة مستديمة، اسأليني انا ولا اسألي روحك
- نعمة: حنتيرة راجل يا امه .. صحيح الدنيا ملطشة معاه لكن لو طلبت عينه هايدهالي.
- أمها: بكرة ربنا يرزقك باللي احسن منه.
- نعمة: عمري ما ابيع نفسي للي يدفع أكتر .. حنتيرة من توبي.. ح نصبر عليه وح يصبر علينا .. لغاية ما ربنا يسهلها .. اني رايحه له يا امه.

في الحالات اللي زي دي لما المشكلة تستعصي علي كل الحلول بيكون الهروب احد البدايل المتاحة والمفارقة ان الدور اللي لعبه "أحمد راتب" في الفيلمين كان هو الشخصية اللي اختارت الهروب. في "الحب فوق هضبة الهرم" هرب من الدنيا كلها عن طريق دخوله في علاقة مع واحدة ست كبيرة في السن لكن غنية قدرت انها تصرف عليه في مقابل انه يوافق علي استمرار العلاقة دي، يعني باختصار باع نفسه في سبيل انه يعيش الحياة اللي كان بيتمناها. لكن في "صايع بحر" باع الحياة كلها بحلوها ومرها علشان ما يخسرش نفسه فقرر انه يعتزل العالم اللي فشل انه يفهم فلسفته مع انه كان دكتور في الفلسفة واتحول من دكتور فؤاد لعم فؤاد التربي.

- فؤاد: انتو عارفين انا اللي عاجبني فيكو يا ولاد ان انتو قدرتو تختصروا المسافات .. انا لما كنت في سنكم كنت مهموم بالحياة والواقع .. ده احنا اتضربنا ضرب في المظاهرات .. كنا عاوزين نحقق احلام شعبنا .. واهو.. انا واحلامي والبلد زي مانتو شايفين.. يارتني عملت زيكو وشفرت الواقع وعشت غريب عنه.
- عماد: لا يا دكتور لا .. احنا.. عايشين واقعنا ومغموسين فيه لغاية شعر راسنا.. انتو بقي كان عندكو حلم كبير.. احنا بقي احلامنا صغيرة.

الفرق ما بين شخصية "حنتيرة" وشخصية "علي" هو تقريبا الفرق ما بين الدنيا سنة 1986 والدنيا سنة 2004، لو حاولنا ندور علي لقب لفترة التمانينات بيتهيألي مش هانلاقي أحسن من الكلمتين دول "بداية النهاية" كانت بداية نهاية كل حاجة كويسة. "علي" كان شاب مثقف بينحدر من الطبقة المتوسطة أو بواقي الطبقة المتوسطة، و"حنتيرة" كان شاب صايع بينحدر من الطبقة الدنيا لان مابقاش في طبقة متوسطة. في التمانينات كانت بداية نهاية المشروع القومي، والقضية القومية، والهم القومي، وفي 2004 مابقاش في حد عارف اصلا يعني ايه مشروع قومي ولا يعني ايه قضية قومية. الشباب علي أيام الدكتور فؤاد كانت أحلامهم كبيرة، كانت أحلامهم قومية، لكن الشباب علي أيام "عماد" و"حنتيرة" كانت أحلامهم صغيرة، بس كانوا بيحلموا، ماهم لازم يحلموا.

- عماد: عايز تسرق يا حنتيرة .. انت مش عارف ان السرقة حرام؟
- حنتيرة: حرام؟ واللي بيحصل فينا ده مش حرام يا خويا.
- عماد: احنا مش في غابة يا جدع.
- حنتيرة: لا يا حبيبي احنا في غابة.. واتعودنا فيها نبقي قرود مسلسلة.. لكن أنا بقي طهقت وزهقت.. ومانيش مكمل قرد، كمل انت لو عاوز.
- عماد: مش هاسمح لك تضيع نفسك.
- حنتيرة: يبني احنا ضايعين خلقة.

قدام وضع بالتعقيد ده، دايرة البدايل بتضيق قوي، في حالة "علي" ماكانش في قدامه حل غير انه يبيع نفسه علشان يكسب "رجاء" او يتخلي عن "رجاء" علشان ما يفرطش في نفسه، لكن هو رفض الحلين، فقرر انه يتمرد علي الوضع كله وانه يتجوز "رجاء"، ولما الدنيا ضاقت بيهم قرروا يهربوا من الزحمة والدوشة ومالقوش قدامهم غير الهرم، كان متخيلين انهم ممكن يلاقوا عند جدود الجدود الحل اللي فشلوا يوصلوا ليه، وعلي هضبة الهرم لقوا المجتمع اللي كانوا بيهربوا منه مستنيهم هناك وبيتهمهم بجريمة ارتكاب فعل فاضح علني. أما "حنتيرة" بقي فقرر انه يبيع نفسه مش لانها هانت عليه، بس لانه ماعندوش حاجة تانية يبعيها علشان يشتري "نعمة".

- علي: لما هايحبسونا هاقدم التماس علشان يحطونا مع بعض في زنزانة واحدة.
- رجاء: تفتكر ده ممكن؟
- علي: أيوة طبعا.

"صايع بحر" انتهي نهاية تقليدية ساذجة، انتهي علي ان "حنتيرة" و"نعمة" اتجوزوا، من غير مانعرف هما حلوا المشكلة ازاي، لكن "الحب فوق هضبة الهرم" انتهي نهاية مفتوحة وغاية في التعبير، انتهي علي صورة ايدين متشبكين ومحطوطين في الكلابشات واصحابهم مش عارفين هما رايحين علي فين.

Saturday, February 27, 2010

مرايــا فاضحة

اللوحة للفنان المصري/ صبري راغب
مالت عليها صاحبتها توشوشها، فتوقفَت عن المضغ فجأة وتفكرت هنيهة، ثم بدت بعينيها نظرة تفيض بالجرأة والشقاوة تنم عن طفلة في جسد آنسة. كانت قد اتخذت قرارها وبدا أنها لن تتراجع عنه مهما كانت العواقب. لحيظة هي كل ما تحتاجه، وهي عمر التجربة التي قد تندم بعدها. ولكنها لم تبد من ذلك النوع الذي يمنعه الخوف عن إتيان تجربة شقية. لحيظة وتنتهي تلك المغامرة لكن أثرها في النفس سيدوم طويلا، لحيظة ستمر سريعًا، لن تدرك متي تبدأ وكيف تنتهبي ولكنها تعلم جيدًا ذلك الشعور بالنشوة الذي سيتخلف بمرورها في نجاح.

وبالفعل كانت لحيظة هي تلك المسافة التي قطعتها يدها ذهابًا وإيابًا إلي ومن الطبق ذو المخلل الموضوع إلي جواري، لحيظة ذهبت في مطلعها بيد خميصة، وعادت في نهايتها بيد محملة بإحدي تلك القطع الملونة التي ازدحم بها الطبق. عندها فقط عرفت السر وراء تلك النظرة الجريئة الشقية، وعرفت أيضا عن ماذا كانت وشوشات صاحبتها لها.

حاولت الإمساك عن الضحك ما أمكنني ذلك وساعدتني صورتي المرسومة أمامي، بفعل تلك المرايا التي تعلو كل الجدران من حولي، علي التماسك. وانتبهت فجأة إلي تلك الذلة التي وقعت فيها تلك الفتاة الجريئة، فلم تتوقع أن المرايا ستفضحها، ولم تُلق بالا لها طالما كنت أنا مثبتًا ناظري بطبق المكرونة وحده غير آبه بالطبق الآخر. خُيل لها أنها قد ظفرت بغنيمتها ولم تكن تعرف أن هناك مرايا تراقبها ولن تتواني عن فضح أمرها.

كنت دومًا أتساءل عن نفع كل تلك المرايا. المطاعم هنا بالقرب من الجامعة تتبع تصميمات مختلفة إلا أن القاسم المشترك فيما بينها هي تلك المرايا وذلك البار. هو ليس بارًا بالمعني المعروف للكلمة، فهو يختلف عنه بعض الشيء. فليس هناك في الجهة المقابلة منه من يخدمك، ليس هناك سوي تلك المرايا تعلو الحائط المقابل، وفي الغالب ليست هناك أية كراسي، فأصحاب المحال هنا لن يفضلوها علي أية حال، فمن شأنها تقليص المساحة وإزحام المكان، فضلا عن عدم نفعها لرواد تلك المطاعم، فالأمر لن يتطلب سوي دقائق قليلة لن تضطر خلالها للجلوس لتتناول إحدي تلك الوجبات السريعة، وقد يكون ذلك هو السر في نعتها _ أي الوجبات_ بتلك الصفة.

علي كل حال انطوت حكايتي هي الأخري علي سرٍ أخر لم يعرفه غيري. فذلك الطبق ذو المخلل لم يكن لي بأي حال من الأحوال، فأنا لم أكن أفضل المخلل نظرًا لما يسببه لي من مشاكل تتعلق ببثور الشباب، لذا كنت دائم العزوف عنه. ولهذا فالطبق لم يكن لي، وإنما تصادف وجوده بالقرب مني. تركه جاري في البار بعد انتهائه من وجبته، وعندما مر العامل لرفع الأطباق التي ذهب عنها أصحابها اعتقد هو الآخر أنه لي، فتركه إلي جواري ورفع باقي الأطباق، وكنت أنا شاردًا بذهني بعيدًا فلم اهتم لذلك. انهمكت في شرودي وفي طبق المكرونة الذي أفضله علي غيره من المأكولات الأخري التي يعج بها مطعم "صبري". تنقلت بين كل المطاعم المحيطة بالجامعة إلا أني لم أجد من يفوق صبري في صنع تلك المكرونة، كما أني أشعر بارتياح شديد للمكان، ألفته من سنين حتي ألفني هو الأخر كما ألفني عُماله وبخاصة "الكاشير". اعتدت معه تبادل النكات والضحكات. اليوم لم يدم الكلام بيننا. طلبت منه طبق المكرونة، وسألني باهتمام غير مفتعل: أين صديقك؟ فقلت باقتضاب مقصود: لم يأت. نعم لم يأت، اعتدت المجيء هنا برفقته ولكنه اليوم لم يأت، ولأنه لم يأت كانت فرصتي كبيرة للإجهاز علي نفسي. نعم الإجهاز علي نفسي. كانت تلك _كالعادة_ إحدي وصلات مسرحية حياتي التي تأبي الانتهاء. أستميت في محاولاتي لفت أنظارها وافتعال الأسباب لمحادثتها، وتذهب هي ومعها محاولاتي غير المنتهية أدراج الرياح. بانتهاء المحاضرات لذلك اليوم يتنهي فصل أخر من تلك المسرحية التي أقوم فيها بالدور نفسه كل يوم، فتذهب هي برفقة صديقاتها، وآتي أنا إلي هنا لتناول المكرونة وأجهتد في إعمال التنكيل بنفسي التي لا أدري هل أرهقتها أنا بما لا تحتمل؟ أم هي التي أرهقتني بما أبغاه وتعجز هي عن إتيانه؟ ومع كل ذلك لم أكن غائب الوعي تماما، كنت مدركًا لكل ما يحيط بي، غير أنه لا يمثل لي سوي بحر من الصمت اللامتناهي تزحف أمواجه غاضبة صوب شطي، غير أنها ما تلبث أن تهدأ ثورتها بمثولها بين يديه، فتنحني في استسلام وتتراجع مخلفة دموعها الأُجَـاج علي رماله الناعمة.

لم أسمع كلمات صاحبتها لها، ولكن بعد أن فضحتها المرايا، لم يصعب عليّ تخمينها. كان أن اشتهت صاحبتها المخلل. مالت عليها حتي تحجب الكلمات عن سمعي. كل ما تريده هو إحدي تلك القطع الكثيرة المنثورة بالطبق والتي يرغب عنها صاحبها. حاولت الإمساك عن الضحك ما استطعت ولم تخني نفسي، فقد ألفَت شدتي علي ما يبدو، غير أن حالي تبدلت وصرت أكثر طوعًا لها. تناسيت همي للحظة وجعلت أتفكر كيف أباغت تلك الشقية بذَلتها التي لم تعمل لها حسابًا.

ووقعت أنا في الخطأ نفسه والذلة ذاتها،لم أكن أعرف أن تلك المريا لها تلك القدرة السحرية علي النفاذ بداخل النفوس وفضح أصحابها.لم أنتبه للحظة أني علي وشك شق مجري للحديث مع فتاة لا أعرفها،لم يدر بخلدي أني علي وشك القيام بالدور نفسه ولكن في مسرحية مغايرة، ذلك الدور الذي فشلت في أدائه علي مدار السنتين المنفلتتين في مسرحية بطلتها هي الإنسانة الوحيدة التي أهتم لأمرها بهذا الكوكب.

افتعلت الهدوء التام حتي واتتني الفكرة. لحظة هي كل ما أبغي، لحظة هي عمر الفكرة التي ستترك أثرا يدوم طويلا. انتهيت سريعًا من طبقي، مسحت آثار الطعام بمنديل، تنفست بملء رئتي، وألقيت بنظرة أخيرة علي تلك المرايا الفاضحة قبل الإقدام علي تلك اللحظة. التففت مواجهًا الفتاتين، تناولت إحدي تلك القطع الملونة التي ازدحم بها الطبق ذو المخلل، اقتربت من تلك الشقية، و باغتها بعد أن قضمت إحدي طرفي قطعة المخلل قائلا: علي فكرة .. المخلل ده مش بتاعي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
كتبها: محمد عوض "سقراط"

Wednesday, February 10, 2010

انتهي الدرس يا غبي



السلام عليكم
موضوع التدوينة دي غريب حبتين
ومن غير رغي خلونا نشوف الفيلم
قصدي نبتدي التدوينة
من اول ما عملت المدونة دي وانا مشغول بفكرة "رد الفعل"
اكيد طبعا كل اللي عندهم مدونات مشغولين بنفس الفكرة
واكيد اصلا كل اللي بيعمل حاجة وعاوز الناس تشوفها
مشغول بنفس الفكرة
بس انا كنت باصص للصورة بشكل مختلف
(حلوة الجملة اللي فاتت دي)
المهم
في الكام تدوينة الاخيرة الموضوع ده كان شاغلني قوي
والسبب بسيط
ممكن تعرفه لو نزلت بالماوس بتاعك لتحت شوية
وبصيت علي عدد الردود في التدوينات التلاتة الاخيرة
في كل مرة كنت ببقي منتظر ردود أفعال اكثف واكتر
وخصوصا لاني كنت بعمل كل الطقوس المرتبطة بتسييط التدوينة في كل حتة
في موقع العمرانية بتاع المدونات
وفي صفحات كتييير ع الفيس بوك
وقربت انزل اعلان في بانوراما دراما
لكن ردود الأفعال كل مدي ما بتقل
وطبعا لان نفسي بتحبني زي ما بيقول العسيلي
كانت بتقولي:
(((اكيد في ناس كتيير بيقروا التدوينات دي)))
(((وبتعجبهم)))
(((بس هما ما بيحبوش يكتبوا تعليق)))
انا عارف ان التدوينة بدأت تبقي مملة
بس نفسي بتقولي:
(((كمل كلام)))
(((اكيد الناس اللي بيقروا كلامك من غير ما يردوا مش هايحسوا انها مملة ولا حاجة)))
انا هاقولكم علي حاجة ممكن تخليكوا تفهموا انا قصدي ايه من غير ملل
حد عمره فكر في "الثانية"
اه الثانية اللي الستين منها يعملوا دقيقة
حد فكر مرة في الثانية اللي هو عايشها
يعني مثلا انت دلوقتي بتعمل ايه؟
طبعا هاتقولي بقرا التدوينة
مانا عارف
قصدي يعني لو بطلت قراية دلوقتي حالا
وفكرت في الثانية دي
انت فين في الثانية دي؟
انت فين على الكرة الأرضية؟
انت فين علي خريطة عمرك؟
بتعمل ايه في الثانية دي من عمرك؟
وبتعمل ايه في الثانية دي من عمر الكرة الأرضية؟
....
...
..
.
اه .. واضح ان الموضوع ابتدي يقفش مني
طيب هاقولكم علي مثال بسيط
ممكن تفهموا منه انا عاوز اقول ايه
ولو ما فهمتوش بقي امري لله
تفوا ع المدونة وصاحبها وماترجعوش هنا تاني
المهم
شايفين الصورة اللي فوق في اول التدوينة
اه بمناسبة الصورة
من يوم ما عملت المدونة
وانا حريص اني ابقي دقيق جدا في اختيار الصورة
وانها لازم تعبر عن التدوينة بشكل عميق
لكن عمر ما حد عبر امي بتعليق ع الصورة
ولا حتي يقولي الصورة وحشة مختارها ليه
المهم
نرجع لموضوعنا
شايفين الصورة
الصورة دي عبارة عن ايه؟ حد يقدر يقولي؟
الصورة دي عبارة عن ملايين البكسلات
طبعا دي معلومة قديمة انا عارف
لكن حد عمره فكر في البكسلات دي
يعني لو انا جبت لك صورة هي كلها بكسل واحد
هاتشوفها ازاااااااااااااااااااااااااي؟
اهي الثواني دي بقي عبارة عن البكسلات اللي بتكون الصورة
بس صورة ايه؟
اي صورة
صورة حياتك
عمرك اللي راح واللي جاي
صورة الكرة الأرضية
لحد هنا واعتقد انه كفاية
اللي اتخنق واتبضـ...... مني
يلعن الثانية اللي قرر فيها انه يدخل هنا ويقرا التدوينة دي
واللي لسه
يكمل وأمره لله
تعالوا ناخد مثال تطبيقي
مثلا مثلا .. الثانية اللي انت دخلت فيها الجامعة
انت كنت فين؟
(((أكيد كنت في الجامعة)))
لأ يا غبي ما أقصدش
اقصد يعني الثانية اللي كانت السبب في دخولك
الجامعة دي بالذات
والكلية دي بالذات
انت ثانيتها .. كنت فييييييييييييييييين؟
كنت فين من عمرك؟
وكنت فين من عمر الكرة الأرضية؟
وكنت فين من دماغك؟
وبنفس المنطق .. الثانية اللي اتجوزت فيها
انت كنت فين؟
انا اقصد الثانية اللي اخترت فيها
اخترت فيها انك تتجوز البنت دي بالذات
وتتجوز في اللحظة دي بالذات
وفي المكان ده بالذات
الثانية اللي انت دخلت فيها الجامعة خدنالك فيها صورة
والثانية اللي اتجوزت فيها خدنالك فيها صورة
كل صورة من دول بتتكون من بكسلات كتييييييير قوي
البكسلات دي عبارة عن ثواني عدت عليك
اتصرفت فيها تصرفات معينة وبطريقة معينة
التصرفات دي هي اللي خلت الصورة في الثانية اللي دخلت فيها الجامعة
او الثانية اللي اتجوزت فيها
تتطلع بالريزوليوشن ده
علي فكرة...
لحد هنا بقي واللي مش عارف يعني ايه ريزوليوشن يطلع بره
المهم
نطلع من الحكاية الطويلة دي بإيه؟
بإن كل ثانية بتعدي عليك هي عبارة عن بكسل
بكسل في صورة لسه هاتتصور
هاتتصور في ثانية
تانية لسه هاتيجي
ممكن تجي بعد ثانية او بعد سنة
المهم ان علشان الصورة تطلع حلوة
لازم الريزوليوشن يكون عالي
وعلشان الريزوليوشن يكون عالي
لازم البكسلات (اللي هي الثواني) تكون مركزة
وعلشان البكسلات (اللي هي الثواني) تكون مركزة
لازم انت تكون مركز
ايون
لازم انت تكون مركز في كل ثانية منهم
وتعرف اذا كان اللي انت هاتعمله في الثانية دي
في صالح الصورة الكبيرة ولا لأ
اهو انا بقي كتبت التدوينة الطويلة دي
علشان اقول ان انا كنت فاكر اني كنت مركز
بس لما الثانية الموعودة جت
والصورة طلعت
لقيتها باهتة قوي
في كل مرة كنت بكتب فيها تدوينة
كنت ببقي عارف انها عبارة عن بكسلاية واحدة
في صورة المدونة الكبيرة
فكنت ببقي حريص انها تبقي مركزة
علشان الريزوليوشن يكون عالي
والصورة تطلع حلوة
فكنت بدقق قوي في الالفاظ
والفرق ما بين لفظ ولفظ
وفي القواعد النحوية في حالة الكتابة بالفصحي
وفي الأخطاء الإملائية
وفي الصورة
الصورة بتاعة كل تدوينة
بس اكتشفت ان ماحدش بيدقق في الصورة
ولا حد بيدقق في التدوينة
فقلت علي ايه بقي الواحد يتعب دماغه
ما اللي يجي علي بالي ادبّه في المدونة وخلاص
طالما كده كده ماحدش هايرد
وكده كده الصورة هاتطلع باهتة
بلا وجع دماغ بلا كلام فاضي
لسه هايقولك ثانية ثانية
ونركز في الثانية علشان الريسوليوشن
ومش عارف بسكلتات ايه
يا عم رووووح
ده انت طلعت واد تييييييييييييييييييييييييييييييييت
وانا اركز ليه
ماهو .. أستك منه فيه
المهم
طول مانا بكتب التدوينة دي
وفي مشهد من فيلم عمال يدور في دماغي
مشهد من فيلم
“Shortcut To Happiness”
لما كان أنتوني هوبكنز بيدافع عن أليك بالدوين
قال حتتة دين مرافعة
قال:
What my client really wanted, was readers
He wanted people to read what he wrote
He’s a writer
That’s what writers want
An audience
An audience for his words

Monday, January 25, 2010

ميت عساس

تصوير: سقراط


لم تكن تعلم أن القطار لن يتوقف بميت عساس، ولم تكن تدرك أنه بتلك الهيئة – التي لا تختلف كثيرا عن قطار ميت عساس- أنه قطار سياحي.

بينما كان السلم المتحرك يحملني وأحمالي إلي الأعلي، كانت تدور برأسي الوساوس عما إذا كنت سألحق بقطاري أم لا. وبوصولي إلي الأعلي، انتبهت كغيري على أصوات تنم عن مشاجرة. أمعنت النظر والسمع فإذا بأحد عمال المترو المنوط بهم مراقبة بوابات العبور من وإلي الأرصفة، فى زيه الرسمي سماوي اللون، ذلك اللون الذي يفترض فيه بعث الراحة في النفوس قبل العيون، ويقف إلي جواره أحد أمناء الشرطة، أو علي حد التعبير الشعبي "أبو طبنجة"، وفى مواجهتهما تقف فتاة لا تبدو عليها سوي علامات الضعف والاستكانة. تمكنت دون عناء أن أميز تلك الجملة الآثرة التي نطق بها العامل مهددًا الفتاة "يا تدفعي الغرامة يا نعمل لك محضر" والتي لم تجد من بد سوي استنفار كل ما تحمله ذاكرتها الصغيرة من أيمان مغلظة وغير مغلظة لتؤكد صدق نيتها وجهلها بالأعراف المتروية المقدسة، إلا أن محاولتها كانت أبعد ما تكون عن التأثير علي ذلك العامل سليل أقدم بيروقراطية عرفها التاريخ.

لم يكن لدي متسع من الوقت للفضول، جذبت أحمالي وعبرت البوابات أحث الخطي إلي محطة مصر علني ألحق بقطاري، إلا أن ذهني لم ينصرف عن تلك المسكينة التي رمي بها حظها العاثر فى مثل هذا الظرف الغابر، وصرت أتساءل عما سيكون مصيرها، هل سترضخ أمام تزمت العامل وتضطر لدفع غرامة تشفق جيوبها عن حملها؟ بالطبع ستفعل راغمة، وإلا ما السبيل لاتقاء عيون المارة، ولسان العامل السليط، وسلاح أبو طبنجة القابع على أحد جنبيه؟

وبينما أنا هائم بين مشاعري المختلطة التي جمعت بين الاشفاق على تلك المسكينة والخوف المشوب بالقلق من فقدان قطاري، إذا بالذكريات تتدافع حاملة أحد المشاهد التي يفصلني عنها ما يزيد على العام. كان الوقت ما بين المغرب والعشاء، عندما يرخي الليل سدوله ملتهما آخر خيوط النهار. كنت قد أخذت مكاني من بين المقاعد الكثيرة الخالية فى القطار الذي تحرك لتوه موليـًا محطة المنصورة دبره قاصدًا القاهرة، أطلقت نظري عبر نافذة القطار، تلك التي تعرض شريطـًا سينمائيـًا عملاقا، فى انتظار مشهدي الأثير عندما يعبر القطار جسر "طلخا" وتتبدي المنصورة مع السويعات الأولي من الليل، فى أبهي حـُللها، كأميرة تتهيأ لعُـرسها متخذةً من صفحة النيل مرآةً لها.

"تذكرتك يا أستاذ؟" قالها بآلية وانصرف بعد أن أظهرت له تذكرتي وباءت محاولته لتطويقي بالفشل، انتقل إلي المربع المقابل حيث جلست فتاة لم تتجاوز العشرين ربيعا، لاتبدو عليها ملامح السفر، تنزوي فى مقعدها مشبكة ذراعيها وكأنما تخشي شيئا مجهولا. سألها بنفس الآلية عن تذكرتها، طلبت منه تذكرة واحدة: "ميت عساس" قالتها بصوت لا يكاد يُسمع من فرط خفوته، تراجعت رأسه إلي الوراء من جراء التقاط كمًا لا بأس به من الهواء، وأخبرها دون أن يلتفت إليها أن هذا القطار سيتجاوز محطة ميت عساس وأن سمنود ستكون أول المحطات التى يتوقف بها، لذا سيتوجب عليها النزول بسمنود ثم اللحاق بقطار آخر يعود بها إلى ميت عساس، ولكن قبل ذلك عليها أن تدفع جنيهان ونصف الجنيه ثمن تذكرة واحدة إلى سمنود متضمنة "التطويقة" بالطبع، ثم أخذ يقلب صفحات دفتره الصغير وردية اللون إلى أن استقر على إحداها وأخذ يملاء الفراغات الموجودة بها دون أن يبدي أى اهتمام بالفتاة التي وقفت من فرط انزعاجها وألقت بنظرة متوترة على كل ما حولها فى محاولة لإدراك ما حاق بها، غير أن أكثر ما أزعجها هو ثمن التذكرة إلي سمنود التى زادت إلي الضعف، وعندما سألت عن السبب، أجابها وهو يقتطع صفحة الدفتر الصغيرة وببرود شديد: "علشان دي درجة سياحية" وأخيرًا رفع بصره إلى الفتاة الذاهلة مادًا يده بالصفحة الصغيرة بعد أن أتم مهمته على وجهها الأكمل. تراجعت الفتاة قيد خطوة إلي الخلف فى محاولة للإعلان عن رفضها لتلك اللحظة القاتمة، وتلك الصفحة الوردية، ولذلك القطار المنطلق لا يلوي علي شيء، وارتسمت علي صفحة وجهها شديد النضرة كل ما دار بخلدها ولم يجر علي لسانها. لم تكن تعلم أن القطار لن يتوقف بميت عساس، ولم تكن تدرك أنه بتلك الهيئة – التي لا تختلف كثيرا عن قطار ميت عساس- أنه قطار سياحي، ولكنها الان تعرف أنه قطار سياحي، وتعرف أن عليها أن تدفع ضعف ثمن التذكرة، وتعرف أيضا أن ما تحمله لا يفي بهذا الثمن. أخذت تتنقل بعينيها المتوترتين، تارة بين الصفحة الصغيرة بلونها الوردي الهاديء، وبين محصل التذاكر في زيه الازرق القاتم تارة أخري، وبينما هي كذلك اذا بها تلتفت فجأة إلي النافذة حيث تعلقت عيناها بتلك اللوحة الجدارية التي كتب عليها بحروف بارزة "ميت عساس". وعند تلك النقطة الزمنية قابلها، في الواقع، وصولي إلي مكتب الاستعلامات بمحطة مصر. سألته، وأنا ألهث من جراء الجري بكل تلك الأحمال، عما إذا كان قطار المنصورة قد انطلق أم لا، فنصحني، بعد أن أخبرني أن القطار قد تحرك بالفعل، أن ألحق بقطار الأسكندرية المتأهب للانطلاق علي رصيف عشرين.
ــــــــــــــــــــ
كتبها: محمد عـوض "سقراط"

Saturday, January 16, 2010

كتاب مالوش اسم

اللي في الصورة ده أحمد العسيلي .. أعرفه من زمان .. من أيام البرنامج بتاعه ع ((الاف ام)) اللي كان بيتذاع علي قناة مزيكا في نفس الوقت .. اللي لفت نظري ليه في الاول كانت خفة دمه، لكن بعد كده عجبتني دماغه قوي .. وبعد شوية انا انقطعت عن التلفزيون وعن ((الاف ام)) بحكم بداية دراستي في الجامعة، المهم بعد فترة كده تيجي 3 سنين شفت العسيلي تاني علي قناة (Otv) في البرنامج بتاعه "حبة عسيلي" وبدأت اتابع البرنامج بشغف شديد، والصراحة كان يستاهل .. كان وجبة دماغية جامدة جدا .. يعني م الاخر كانت بتعملي احلي دماغ .. والبرنامج كان عبارة عن مجموعة من الحلقات المنفصلة كل حلقة يتم طرح موضوع جديد في صورة سؤال تتفرع منه اسئلة اخري ويبتدي يدور علي اجابات الاسئلة دي عند الناس في الشارع ويناقش الاجابات دي مع الناس اللي قدام التلفزيون وينهي الحلقة بعد ما يكون ربط عقول كل الناس دي ببعض بالرغم من اختلاف خلفياتهم وثقافاتهم بدرجات متفاوتة ....
ومرة تانية انقطعت عني اخبار العسيلي بانتهاء عرض البرنامج او تصوير حلقات جديدة منه لغاية ما في مرة وانا بلفلف ع اليوتيوب صادفت فيديو مسجل من حلقة من برنامج البيت بيتك كان الضيف فيها احمد العسيلي بيتكلم عن كتابه الاول ((كتاب مالوش اسم)). وفي اقرب فرصة كنت فيها في دار الشروق شفت الكتاب .. قلبته بين اديا وهو جوه كيسه البلاستيك، وقريت الفقرة اللي مكتوبة علي ضهره وبدأت احس بالاحساس المنعش اللي كنت بحس بيه وانا بشوف البرنامج .. حاجة كده زي مايكون عقلي واكل نعناع "ححححححححححــ ..." لغاية ما وصلت لاخر جملة في الفقرة اللي مكتوبة علي ضهر الكتاب واللي بيقول فيها: "بس الاهم ، لانه السبب في كل ده .. اني علي طول بفكر.. بفكر.. بفكر" ومكتوب تحيتها ((احمد العسيلي)). رجعت الكتاب مكانه بعد ما بصيت علي سعره ولقيته معقول، وكنت مقرر اني مش هاشتريه دلوقتي .. يمكن لاني بحب كل حاجة تيجي في وقتها وكنت حاسس ساعتها ان الكتاب ده وقته لسه ماجاش او يمكن لاني ماكانش معايا فلوس كفاية ساعتها .. المهم، بعد فترة كنت في التحرير مع اصحابي وروحنا مكتبة دار الشروق .. دخلت رأسا علي المكان اللي فيه الكتاب .. مسكته بين اديا وانا مبسوط ان وقته جه، ولفت نظري ان الغلاف مكتوب عليه كلمتين زيادة عن المرة اللي فاتت، كان مكتوب عليه "الطبعة الرابعة" وعلي قد ما فرحت لان ده معناه ان ناس كتير اشتروا الكتاب، علي قد ما اتضايقت لما قلبت الكتاب علي ضهره وعرفت ان سعره زاد بأكتر من 25% عن سعر الطبعة الاولي .. وبمنتهي الهدوء رجعت الكتاب مكانه وخرجت من المكتبة واستنيت اصحابي بره لما يخرجوا.
وقعدت اقلب الموضوع في دماغي وأتساءل: ايه وجه الحكمة في تصرف زي ده؟ انا اعرف ان الكتاب لما يوصل للطبعة التانية والتالتة والرابعة ده معناه انه عليه اقبال .. ومعناه برضه ان الطلب عليه عالي وعلي حسب ما يراه الاقتصاد واعوانه ان في الحالة دي لازم السعر يعلي والعرض يقل، بس انا افهم ان ده يتعمل مع السلع؛ الشاي والسكر والبنزين لكن مش مع الكتب .. تكلفة الطبعة الاولي اكيد هي هي تكلفة الطبعة التانية والعاشرة فلما السعر يزيد من غير اي زيادة موازية في اسعار الحبر والورق وادوات الطباعة يبقي ده مالوش غير معني واحد ان دار الشروق ما هي الا مؤسسة رأسمالية احتكارية هدفها الاول والاوحد هو الربح ومالوش لازمة بقي انها تدعي انها بتقوم بأي دور ثقافي او اجتماعي او حتي انساني في مجتمعنا اللي بيتنشأ علي دور واحد من دول.




بالرجوع بقي لموضوعنا اللي خرجنا منه .. الكتاب .. الكتاب عبارة عن موضوعات مختلفة ومنفصلة الي حد ما بيناقشها العسيلي مع القاريء بنفس اسلوبه قدام كاميرا التلفزيون .. ومن اول صفحة في الكتاب بيوضح للقاريء كل حاجة وبيعرفه هو هايتعرض لايه في الصفحات اللي جاية وليه اختار اسلوب الكتابة ده بالذات.... الخ. ويمكن كل ده علشان يمهد له ان الكتاب ده بنسبة كبيرة جدا غير تقليدي .. وغير تقليدي دي مش معناها انه حاجة وحشة ولا حاجة حلوة .. لكن معناها انك لو كنت قاريء قديم هاتقدر تعرف من اول صفحة ان الكتاب بيخرج عن الشكل التقليدي وفي الوقت نفسه لا يتعارض معاه وبالتالي مش هاتلاقي عندك مشكلة انك تقرأه .. ولو كنت قاريء جديد او حتي مابتحبش القراية خالص هاتعرف برضه ان الكتاب مش تقليدي لانك مش هاتقابل المشاكل اللي بتقابلك مع الكتب التقليدية واللى بتخليك ما تحبش القراية عموما.
عنوان الكتاب ممكن يكون اشارة ذكية قوي لفكرة القراية .. لان زي ما قلنا ان كل اللي ما بيحبش القراية مش هايكون عنده مشكلة انه يقراه .. ولما هايقراه هايعرف انه محتاج يفكر في كل حاجة بتحصل حواليه، وهايعرف انه ناقصه حاجة مهمة جدا هي التفكير، وهايعرف كمان انه مابيحبش القراية لانه مابيحبش يفكر وان التفكير اهم خطوة لازم تيجي قبل القراية.
الكتاب مكتوب بالعامية المصرية، والعسيلي في اول الكتاب وضح وجهة نظره في اختيار الاسلوب او اللغة العامية لاكتر من سبب كان اخرهم واهمهم زي ما بيقول:
"المهم من غير رغي يعني قررت اني اكتب زي ما بفكر".
الكتاب ناقش موضوعات مختلفة ومتنوعة في صورة اسئلة وردت علي ذهن الكاتب، ومادة الكتاب كانت عبارة عن محاولته للاجابة علي الاسئلة دي .. مش بهدف انه يقدم مقترحات للاجابة دي، لكن بهدف اعادة طرح الاسئلة دي وغيرها والدعوة للتفكير فيها او الدعوة للتفكير عموما او زي ما بيقول العسيلي في بداية الكتاب:
"كثيرة هى علامات الاستفهام في الدنيا .. ونادرة جدا الاجابات .. والكتاب ده مش هايبقي فيه اجابات ولا حاجة، وحتي لو هايبقي فيه، هو مش مقصود منه الاجابات، المقصود الافكار والاسئلة وبس. ومش حيبقي فيه يقين .. حيرة وبس، اليقين الحمد لله عندنا علي قفا مين يشيل، بس هنا مش حتلاقوا .. اتمني انكو ماتلاقوش".
العسيلي بيحقق في الكتاب ده معادلة صعبة جدا من وجهة نظري بيقدم فكرة فلسفية معقدة جدا بطريقة سهلة جدا علي كل العقول، وخاصة العقول النابذة للتفكير بشكل عام، سواء بقي كان بدافع من الكسل او من البيئة الملوثة اللي بتتربي فيها عقولنا .. واعتقد ان وصول الكتاب للطبعة الرابعة معناه انه بشكل مبدئي نجح في تحقيق هدفه من المعادلة الصعبة دي.
انا ماشتريتش الكتاب لغاية دلوقتي .. بس جالي هدية في عيد ميلادي الاخير، ومن انسان مهم جدا في حياتي وبجد كانت من اجمل الهديا اللي جاتلي في حياتي بس ده ما يمنعش اني اشتري نسخة تانية بس يارب ألحق قبل الطبعة الخامسة.
Newer Posts Older Posts Home