Saturday, May 19, 2012

نظرية نص الكوباية




في نظرية عتيقة في الجامعات المصرية يعرفها كل الطلبة، النظرية دي بتقول انك لو ذاكرت علي اساس انك تجيب امتياز هاتجيب جيد جدا، ولو ذاكرت علي اساس انك تجيب جيد جدا هاتجيب جيد، ولو ذاكرت علي اساس انك تجيب جيد هاتجيب مقبول، ولو ذاكرت علي اساس انك تجيب مقبول هاتشيل مواد، ولو ذاكرت علي اساس انك تشيل مواد هاتعيد السنة.

في كلية اقتصاد وعلوم سياسية لازم تختار تخصصك في سنة تانية ما بين اقتصاد او علوم سياسية او احصاء، ولما دخلت سنة تانية اخترت علوم سياسية، وفي السنة دي كنا بندرس مادة حاسب آلي، وكان المنهج عن موضوع الشبكات، واللي اكتشفت بعد كده من واحد صاحبي في كلية حاسبات ومعلومات في سنة تانية برضه ان المنهج بتاعنا ده هو بيدرسه في سنة رابعة لان دي معلومات متقدمة جدا، المهم انا ماكنتش بفهم حاجة من مادة الحاسب الالي دي، وكنت دايما بسأل ليه طلبة الفرقة التانية في كلية اقتصاد وعلوم سياسية قسم العلوم السياسية بيدرسوا منهج حاسب آلي؟؟ واحد صاحبي قالي حكمة، قالي يبني طالما في ناس بتمتحن المادة دي وبتجيب فيها تقدير يبقي عمرها ما هاتتلغي، وفعلا في ناس كتير جابوا تقدير في المادة دي وانا شيلتها.

من النظريات المشهورة جدا برضه نظرية الكوباية، يقولك بص علي نص الكوباية المليان مش الفاضي، ونظرية الكوباية دي ليها علاقة وطيدة بموضوع مادة الحاسب الالي، لما كنت بكلم حد عن موضوع المادة ده كان يقولي "يا عم اعمل اللي عليك واسعي واجتهد وربنا هايكرمك، وربنا مابيضعيش مجهود حد" ونعم بالله انا مؤمن بالكلام ده بس ده ايه علاقته بإني أدرس مادة مالهاش أي علاقة بتخصصي، فيرد عليا ويقولي "اهو انت عامل زي الناس اللي بيبصوا علي نص الكوباية الفاضي، ياعم ما تبص علي النص المليان، انت خسران ايه، بالعكس انت بتتعلم حاجة جديدة وممكن تفيدك بعد كده" المهم اصحابنا اللي كانوا بيجيبوا تقدير في المادة هما اللي كانوا بيبصوا علي نص الكوباية المليان، ومش هاتفرق حتي لو مش مستوعبين المادة او مش فاهمينها، المهم انهم يتأقلموا مع مذاكرتها بأي شكل حتي لو هايحفظوها من غير مايفهموا علشان ما تأثرش علي تقديرهم العام، المشكلة ان نجاحهم في المادة كان بيبقي السبب في ان ناس تانيين يشيلوها، لان بناء علي نظرية صاحبي المادة مش هاتتلغي طول ما في ناس بتنجح فيها، يعني لو هما كانوا اعترضوا علي المادة ومادخلوش الامتحان كانت المادة اتلغت، وماكانش هايبقي ليها أي تأثير علي أي حد ولا الناس اللي حفظوها ولا الناس اللي شالوها.

المشكلة الكبيرة ان الناس اللي بيبصوا لنص الكوباية المليان بيعتبروا ان ده سعي واجتهاد منهم، وان حتي لو فضل في الكوباية نص فاضي فهما مقتنعين ان ربنا هايعوضهم عن تعبهم ده، ومايعرفوش ان حقهم في الكوباية كلها مش نصها، وفي المقابل الناس اللي بترفض تاخد الكوباية ناقصة وبتطالب بحقها في الكوباية كلها بينتهي بيهم الحال انهم ما ياخدوش اي حاجة لمجرد ان في ناس وافقوا علي نص الكوباية، بالظبط زي سواق الميكروباص لما يقرر يزود الاجرة، في ناس بتعترض وترفض انها تدفع شلن واحد زيادة، لكن لو واحد من الاربعتاشر راكب اللي في الميكروباص دفع الاجرة الزيادة في الحالة دي بيضيع حق باقي الركاب، والراكب المعترض ساعتها بيكون قدامه اختيار من اتنين يا إما يوافق علي زيادة الاجرة يا إما ينزل من العربية.

النظرية دي بتنطبق تماما علي اللي حصل من اول الثورة لحد النهاردة، الكام الف اللي نزلوا التحرير هما اللي كانوا رافضين نص الكوباية، وهما اللي رفضوا زيادة الاجرة، والملايين اللي كانوا في البيوت كانوا مقتنعين تماما ان الناس اللي في التحرير معاهم حق وان السواق غلطان ومش من حقه يزود الاجرة، وان الكوباية فعلا نصها فاضي، بس هما كانوا بيرضوا بقليلهم، ويوافقوا علي نص الكوباية، وزيادة الاجرة، علشان مش عاوزين مشاكل، ومؤمنين ان ربنا هايعوضهم، ولما حصل والناس اللي في التحرير صمموا علي موقفهم وحققوا اول مكسب ليهم بخلع راس النظام، الناس اللي في البيوت فرحوا جدا ونزلوا يحتفلوا، بقي عندهم تلتين الكوباية بدل نصها، وكفاية علي كده بقي ونحمد ربنا ونبوس ايدينا وش وضهر، ونهدي بقي علشان نبني الأمجاد، وعلشان الاستقرار وعجلة الانتاج والبورصة. ولما الناس اللي في التحرير قالوا لا نفضل في التحرير لحد ما ناخد باقي الكوباية، الناس اللي في البيوت هما اللي وقفوا في وشهم وطالبوهم بالرجوع، واتهموهم انهم بيعترضوا لمجرد الاعتراض، وانهم معقدين وبيبصوا لنص الكوباية الفاضي وبس، وبناء علي نظرية مادة الحاسب الالي، طول ما في ناس موافقين علي تلتين الكوباية يبقي كل المعترضين لازم يشيلوا المادة، وهما اللي يسقطوا مش النظام.

لو كنا سمعنا كلام الناس اللي في التحرير وطالبنا باسقاط النظام بالكامل مش راسه بس، كان زمان شفيق في السجن دلوقتي، وعمرو موسي ماكانش هايجرأ يترشح، وماكانش حد اتقتل في ماسبيرو ولا محمد محمود ولا مجلس الوزرا ولا بور سعيد ولا العباسية، وبنفس المنطق بتاع نظرية اللي يذاكر علشان يجيب امتياز يجيب جيد جدا، لو احنا طالبنا بكل حقوقنا هاناخد جزء منها، ولو احنا طالبنا بجزء من حقوقنا مش هاناخد اي حاجة.

محمد عوض