Friday, March 30, 2012

أحلام مراوغة




كنت أتقدم في مشية بطيئة متئدة بذلك الشارع الغريب، أشعر بألم شديد ودوار يلف رأسي، عرجت علي مكان أجهله أيضا، دفعت بابًا زجاجيا ودلفت إلي الداخل، توقفت برهة بالمدخل أتطلع إلي المكان في محاولة لاستجداء كل تلافيف عقلي وبخاصة تلك المسئولة عن مكامن الذاكرة أن تسعفني بجواب لسؤالي.. أين أنا؟


بدا المكان، الذي اتضح لي فيما بعد أنه مجرد مقهي علي الطراز الغربي، مألوفا إلي حد كبير، وبينما أنا منهمك في اعتصار ذاكرتي إذا بي أتعرف علي أحد الموجودين بالمكان، ولا أدري لماذ ترتبط صورته في ذهني باسم ماثيو .....

"سحقا، انه ماثيو بري أحد أبطال المسلسل الأمريكي friends"


هكذا وجدت الكلمات تنطلق من لساني وكأني أقرأها علي شريط الترجمة بإحدي حلقات المسلسل، وعندها أدركت أن الأمر ليس أكثر من مجرد حلم، وتيقنت أنني أغط في نوم عميق.

ارتسمت علي صفحة وجهي ابتسامة طفولية، وتراءت لي الفكرة ماكرة، ما دمت قد انتبهت إلي أنني أحلم لماذا لا أعبث قليلا بعقلي الباطن وأتابع هذا الحلم كما يروق لي؟؟؟

اتسعت الابتسامة أكثر فأكثر بينما الافكار تدور برأسي، لأستحضرها.. نعم فلأستحضرها وأخبرها بكل ما عجز لساني عن النطق به في الواقع، ولكن كيف لي أن أستحضرها، لا يرتبط وجودي معها سوي بمكان واحد هو العمل، ولكن كيف لي الخروج من هذا المكان والذهاب إلي الـ..... انتبهت فجأة فإذا بالمكان من حولي يتبدل ويستجيب، أصبحت فعلا بالعمل، ولكن ما هذا؟ أين ذهب الجميع، المكان يبدو خاويا تماما، إننا نعمل علي مدار اليوم، ولا يوجد توقيت محدد ينقطع فيه الناس عن التواجد.


ذرعت المكان يمنةً ويسرة ولكني لم أجد أحدًا، بدا المكان شديد الوحشة وكأنما يستمد حياته من وجود العاملين به، وفجأة أدركت أنني في الطابق الرابع، وأنه قد تم نقلها للعمل في الطابق الثامن. هرولت إلي حيث المصاعد ولكني لم أجد أيا منها بمكانه، دفعت الباب المفضي إلي السلم، وتابعت الصعود إلي الطابق الثامن تملؤني المخاوف أن يكون هو الأخر خاليا كنظيره في الاسفل، ولا أجدها هناك، ولكني عندما دفعت الباب قاصدا الدخول، واجهتني ريح شديدة البرودة تراجعت علي إثرها خطوات إلي الخلف أخطأت فيها قدماي موضعهما وأصبحت علي مشارف السقوط بعد أن اختل توازني، وحينها بدأ المكان كله في التداعي.


أدركت بعد أن أفقت من نومي مفزوعا أنني كنت قد ألقيت بكل الأغطية من علي السرير أثناء اندفاعي في صعود تلك الدرجات الوهمية، وبينما كنت أحاول العودة إلي النوم بعد أن التقطت الأغطية وأحكمت التدثر بها، داهمني شعور طاغٍ بالاشتياق إليها.


محمد عوض