Saturday, June 29, 2013

مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} (سورة غافر 23-24)

لما ربنا أرسل سيدنا موسي عليه السلام لفرعون وقومه، فرعون قال للناس ده ساحر جاي يخرجكم من بلدكم ويبدل دينكم وينشر الفساد في الأرض.

{قَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ.} (سورة غافر 26)

فخرج رجل مؤمن من قوم فرعون وكلمهم بالعقل،، قالهم لو موسي كذاب "فعليه كذبه" إنما لو كان صادق فده معناه ان هيصيبكم العذاب اللي ربنا توعدكم بيه علي لسانه، وانتو ممكن تكونوا أهل قوة وسلطة دلوقتي لكن مين اللي هينصركم من ربنا لو جالكم عذابه؟

{وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ * يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا} (سورة غافر 28-29)

وفي المقابل فرعون قال لقومه انا عارف موسي ده كويس،، واسمعوا كلامي انا اللي شايف الصح.

{قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ} (سورة غافر 29)
وفي الأخر الناس سمعوا كلام فرعون ونفضوا للراجل المؤمن، فربنا وقاه من العذاب وحكم علي فرعون وقومه انهم يتعرضوا علي النار ليل ونهار لحد يوم القيامة.

{فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (سورة غافر 45-46)

فرعون قال لقومه "ما أهديكم إلا سبيل الرشاد" وكانت النتيجة انهم في النار، لم يغن عنهم ضعفهم أو جهلهم، ولم يغن عنهم فرعون وحاشيته، وكلهم مصيرهم بقي النار.

{وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ} (سورة غافر 47-48)

سورة غافر فيها عبرة لمن يعتبر، ياللي انت ماشي ورا فرعونك ومش شايف غير اللي هو شايفه،، فرعون مش هيغني عنك حاجة قدام ربنا، مش هيغني عنك ضعفك أو جهلك،، مش هيغني عنك ترتيبك في الجماعة اللي بيفرض عليك الطاعة، مش هيغنك عنك شيوخك اللي انت "لهم تبعا"، اقرأ سورة غافر وفكر ألف مرة قبل ما تنزل بكرة وانت فاكر انك بتجاهد في سبيل الله،، وافتكر ان قوم فرعون كانوا فاهمين انهم بيجاهدوا في سبيل الرشاد.


{فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} (سورة غافر 44)

----------------
مدونة سقراط | محمد عوض

Monday, June 17, 2013

هَـيْت لك


كنت أقلّبُ صفحات دفترٍ قديم عندما ألقت بي موجاته الورقية إلي شطٍ كانت هذه الكلمات رماله..

"يمكنني القول بملء فمي أن اليوم هو أحد الأيام المميزة، وذلك أني خطوت خطوة كبيرة -نسبيـًا- في طريقي إليها."

ما إن وطئتُ بقدميّ أول رمال هذا الشط حتي تسارعت دقاتُ قلبي عن معدلها الطبيعي، وكثف العقل من نشاطه في محاولة لاستحضار تلك التي تعود إليها هاء الغائب التي أُفلت بها تلك الجملة الافتتاحية، وهبت رياح خفيفة لا يبدو عليها السفر البعيد، ومن التاريخ المدون أعلاه أدركت أن ما قطعته تلك الرياح وصولا إلي ذلك الشاطئ ما مسيرته تقل بالقليل عن العامين. تابعت القراءة سعيا وراء تلك الرياح المسافرة، مستدبرًا البحر بأمواجه الورقية ومستقبلا الشط بكلماته الرملية.

"وصلت إلي العمل قرابة الثالثة عصرا علي الرغم من أن الدوام يبدأ في السادسة، ولكني بكرت قاصدًا تنفيذ مخططي لهذه الخطوة. اتخذت مكاني قبالتها مباشرة، وادعيت الانهماك في تحضير نفسي للعمل متشاغلا عن إلقاء التحية. لم تلبث أن أشارت بيُمناها بادئةً السلام الذي رده قلبي قبل لساني. ادعيتُ رغبتي في الجلوس إلي جوارها لمراقبة أدائها في العمل بغية تحسين بعض النواقص في أدائي، وكانت ابتسامتها الشفافة خير جواب لمسألتي، وإيذانًا بساعة ونصف الساعة من نعيم قربها. لم يسعدني قربها قدر ما أسعدني اكتشاف جمال عينيها القريبة من الخضرة منها إلي الزرقة، واللاتي تحملان من الصفاء ما يشي بصفة روحها."

جعلت أتعجب من وقع الكلمات في نفسي، ومن فيض المشاعر الذي جلبته رياحها الخفيفة المسافرة. شيئا فشيئا رحت أستعيد قصاصات متباينة عن ذلك اليوم وعن تلك الساعة التي جلست فيها إلي دفتري الورقي الكبير أدون تلك اللحظات الطوال والقلائل، في محاولة لحفظها من آفة النسيان. وجلعت أتذكر كيف كنا وإلام انتهينا، وكيف أنني عمدت بها إلي أقصي أركان ذاكرتي في محاولة للفكاك من أسرها.

"كانت سويعاتها الأخيرة في الدوام الذي كانت تنتظر منه لحظة الخلاص، وشعرت بفرح شديد كوني سببًا في تخفيف وطأة هذه السويعات، فلم أُكثر من الكلام إلا ما لزم وأضحك، ولم تُكثر من الإجابة باللسان قدر استجابتها بتلك العيون الصافية، والضحكات الخجلى، ما جعلني أشعر وكأن الدنيا تتهيأ لي في أبهي صورها، وتقول في غير خجل "هيت لك".


أخذت أستعيد لحظات مماثلة إن لم تكن مطابقة، جلست فيها إلي دفتري الورقي الكبير، أدون ذكرياتٍ مغايرة، في محاولة لحفظها من آفة النسيان... وأدركت حينها أنني لم أقم بتدوين ذكرياتي لحفظها وإنما للتخلص منها، وأن دفتري الورقي الكبير لم يكن سوي سجلا كبيرا يحوي محاولاتي المتتابعة للبحث عن تلك التي تعود إليها هاء الغائب التي أُفلت بها تلك الجملة الافتتاحية، ويحوي محاولاتي المستميتة للبحث عن دنيا تتهيأ لي في أبهي حُللها، وتقول في غير خجل "هيت لك".
-----------------------
مدونة سقراط | محمد عوض
اللوحة للفنان الإيراني "مرتضي كاتوزيان"