Saturday, October 25, 2008

أتعبدون ما تنحتون؟



طالما كان هناك ما يدفعه ليبدو باردًا، خاليًا من الوجدان، ما يدفعه لرسم الصلابة والقوة، بل وأحيانًا الشر على صفحة وجهه ... ظلت العيون من حوله تتساءل عن حقيقته .. ظلت الأسئلة تتواري خلف الأحاديث القليلة، والنادرة كلما خرجوا لتشييع أحدهم .. إلى أن جاءهم خبر وفاته.

مات العجوز الذي سكن آخر القرية على مقربة من المدافن التى اقترن اسمه بها طوال ثلاثة عقود قضاها فى غموض وشرود .. مات قبل أن يدلي لهم بسره الذي أسكنه مدافن قلبه .. مات وخلّف وراءه إرثًا عظيمًا من علامات الاستفهام والتعجب.

لم يُعرف له صاحبةٌ ولا ولد، ولم يبك لفقده أحد، لم يُعرف له اسمٌ ولا دين، ولم يُحيطوا بسره الدفين، فقط أخذوه وغسَّلوه، وبمنأى عن المقابر دفنوه، وكتبوا على قبره؛ "هنا يرقد شيخٌ مجهول".

وفى الصباح هبت القرية على خبر كالطامة، فزعت له قلوبهم وعجزت عن الإلمام به عقولهم، فقد نفقت مواشيهم وأنعامهم، جميعها وجميعهم .. وبحثوا جميعًا عن السبب، ولكن لم يَدُر بخُلدهم.

فقال قائلٌ: إنها المياه الملوثة، وقال آخر: لا بل هى الأسمدة الفاسدة، وقال ثالث: هذا كذبٌ وذاك افتراء إنها من الله ابتلاء، وقال رابع: بل هى للشيخ المجهول رثاء، وعلى موته بكاء، فقال شيخٌ كبير: نعم التأويل هو، إنه لأحد الأولياء الصالحين.

فهرعوا جميعا إلى حيث دفنوه، وأزالوا ما كُتب على قبره وبدّلوه؛ "هنا يرقد أحد أولياء الله الصالحين" .. وتتعاقب الأجيال وتمر السنون، والشيخ فى قبره مدفنون، والناس لسيرته مُحيون، وإلى مَقَامه يحجّون، وبنسبهم إليه يتفاخرون ... ألا يُذكّرهم بسره عاقلٌ او مجنون؟!!

2 اتكلموووووو:

خواطر said...

الصورة بصراحة شدتنى جامد لدرجة انى سبت قراءة المدونه وتاملتها بكل حواسى

Mohamed AbdAllah said...

رغم اني قد علقت عليها في حينها , ولكني اؤكد لك عظيمي بأن ماكتبته هنا مدونا من أجمل ماكتبت , لن أبدي رأيا فيما كتبت لانه ليس في حاجة الا الى حفظ ماكتبته حتى يصبح منار لنا .