أهم انطباع خرجت بيه بعد ما شفت فيلم "حد سامع حاجة" بتاع رامز جلال ان الفيلم سيء للغاية، مش بس لانه مسروق بالحرف من فيلم "Hitch" لكن لأنه مسروق سرقة سطحية جدا، موتت فكرة الفيلم ومعناه وحالته واستبقت فقط علي موضوعه.
موضوع الفيلم ده قديم قوي، عمله قبل كده أحمد مكي في "طير انت" وأحمد حلمي في "ظرف طارئ"، وزمان عمله عمر الشريف في "إشاعة حب" وعادل إمام في "البحث عن فضيحة"، ويمكن السر في كثرة تناول الموضوع ده عبر الاجيال المختلفة والثقافات المختلفة، هو انه بيعبر عن فلسفة انسانية قديمة قدم الأزل أو زي ما بيقولوا الخواجات ((as old as time))
بس الفكرة الأهم، ان في قواسم مشتركة جمعت بين كل التناولات المختلفة دي مثلت أساس لفكرة التناول نفسها، ورسمت إطار للموضوع أصبح من التقليد التقيد بيه وعدم الخروج عليه، ومن القواسم دي ان البطل لازم يكون خام، نيلة، مدهول، وبيتعامل مع الجنس الأخر ده علي أنه من الكائنات الفضائية التي تسكن أحد الكواكب غير المعروفة في المجرة اللي علي يمين مجرة درب التبانة علي طول، وكمان من القواسم دي ان البطلة تكون ملكة متوجة علي عرش الجمال، ومبعوثة العناية الإلهية لتحسين النسل البشري، لكن أهم القواسم دي واللي اتفقت عليها كل التناولات حتي التناول الأمريكي، هو ان نهاية الفيلم لازم البطلة المتوجة دي تقع في غرام البطل المدهول، علي اختلاف بقي درجة الاقناع في كل تناول.
والفلسفة البسيطة اللي بتكمن ورا الفكرة دي هي حاجة كده شبه فكرة التدوينة اللي اتكلمت فيها عن الفيلم الأمريكي "Hitch" واللي بتقول ان الناس مقسومين لصنفين، صنف بيعرف وصنف مابيعرفش (زي حاحا كده)، وعلشان الصنف اللي بيعرف يحافظ علي نفسه من ثورة الصنف اللي مابيعرفش ومطالبته بحقه في المساواة، بيحاول يقنعه أو تقدر تقول يضحك عليه ويقوله انه فعلا هاياخد فرصته وهايجي عليه اليوم اللي الملكة المتوجه تقع في حبه وتركع تحت رجليه وتقوله أأمر فتطاع. والصنف اللي بيعرف ده بيكون كسبان في كل الحالات لانه أولا قدر ينيم الصنف التاني ويسكته، ولو حصلت المعجزة فعلا ونهاية الفيلم اتحققت في الحالة دي صناع الفيلم، قصدي الصنف اللي بيعرف، هايتحولوا لرسل مبعثين، ولو ما حصلتش المعجزة أهو الاهبل المدهول ده هايفضل عايش طول عمره علي أمل ان نهاية الفيلم تتحقق، وهايحصل معاه سيناريو من اتنين، يا إما هايرضي باللي ربنا يبعتهاله ويقنع نفسه ان هي دي الملكة المتوجة اللي شافها في الفيلم، أو انه هاينتظر وينتظر وينتظر ويموت وهو منتظر، وفي الحالة دي هو نفسه مش هايعرف انه انضحك عليه لانه هايكون خلاص مات وساب الدنيا باللي فيها.
لكن سعات الصنف اللي مابيعرفش بيقف في نص الطريق ويقلب الموضوع تاني في دماغه ويحسب احتمالات المكسب والخسارة .. يعني يا إما يرضخ للأمر الواقع ويرضي بنصيبه وياخد بسياسة البطيخة، ويا حمرا يا قرعة بقي، أو انه يفضل متمسك بمبدأه ويفضل منتظر مليكته، تلك التي لا تحل محلها نساء العالم كله وان اجتمعن، وفي الحالة التانية دي بيغرّق نفسه في بحر كبير من الأوهام، ومخزون الأفلام اللي جواه يفضل يقوله ان "خلاص فات الكتير ما باقي الا القليل" وانه "علي بعد ثانية واحدة من حلمه اللي ضحي علشانه بعمره كله" لكن اللي ما يعرفوش، ان الثانية دي ممكن تكون أخر ثانية في عمره.
في أغنية لمحمود العسيلي اسمها "أصعب حاجة" بيقول فيها:
أصعب حاجة في العالم
اللي بتحبه مش فاهم
انك بتحبه وبتفكر فيه
فعلا أصعب حاجة في العالم انك تبقي بتحب حد ومشغول بيه قوي وهو ولا حاسس بيك، وتفضل تفكر فيه طول الليل والنهار زي ما بتقول
الست ام كلثوم كده "فكري طول الليل في ليلك والنهار كله في نهارك" وهو ولا حاسس بيك أصلا، لكن محمود العسيلي بيقول بعد كده:
أحلي حاجة في الدنيا
انه يجيلك وفي ثانية
يطلع حاسس باللي انت حاسس بيه
المقطع التاني ده صورة واضحة جدا من وسائل التنويم المغنطيسي اللي بيستخدمها الناس اللي بيعرفوا ضد الناس اللي مابيعرفوش، هي نفس الفكرة ان البطلة اللي انت كنت بتفكر فيها من شوية وهي ولا حاسة بيك، هاتجيلك وفي ثانية، وتطلع هي كمان متيمة بيك، بذمتكم لو كل الكلام ده مظبوط .. مش دي هاتطلع أكبر مؤامرة في التاريخ.
===========
اعتذار واجب
لكل الناس اللي دعمتني معنويا،
لكل قال كلمة استحسان في تعليق،
لكل حد بيدخل المدونة وهو منتظر يلاقي فيها جديد،
والاعتذار ده كمان للناس دي بالاسم
حامد وريم وعبدالله وطه ومحرم
اللي من غيردعمهم كانت المدونة ماتت من زمان